ما جرى ويجري في دول المنطقة ودور إيران فيه / لبنان وحزب الله ١ / ٣
اللواء المتقاعد مروان العمد
21-11-2017 10:19 AM
سبق وان تحدثت عن الدور الإيراني في العراق وكيف انتهى بأن أصبح يخضع لسيطرة ولاية الفقيه في قم. واليوم سوف اتحدث عن كيفية خضوع لبنان الى السيطرة الفعلية لولاية الفقيه وذلك من خلال حزب الله وما قام به في لبنان لبسط السيطرة الإيرانية عليه متجنباً بقدر الإمكان الحديث عن هذا الحزب كقوة ممانعة ومقاومه باتجاه دوله الصهاينة الا بمقدار علاقة هذا الامر بالسيطرة على لبنان.
والبداية ستكون من قيام الثورة الخمينية في إيران وهروب الشاه محمد رضا بهلوي من طهران وهبوط الطائرة الفرنسية في مطارها حاملة فيها آية الله روح ا لله بن مصطفى بن احمد الموسوي الخميني ليصبح المرشد الأعلى للبلاد من عام ١٩٧٩ وحتى عام ١٩٨٩ ليخلفه في ذلك آية الله علي خامنئي ولا يزال حتى الآن. وهذا المنصب تم استحداثه بعد الثورة كأعلى سلطة سياسية ودينية في إيران.
ومع رفع نظام الحكم الجديد في ايران والذي اطلق عليه نظام الولي الفقيه أو نظام الملالي شعار تصدير الثورة فقد كان من الطبيعي ان تنصرف أنظاره الى لبنان لتحقيق هذا الشعار ومستفيداً من وجود كثيف للطائفة الشيعية فيه الذي كانت تمثله في ذلك الوقت حركه أمل أو أفواج المقاومة اللبنانية والتي شكلت على يد الامام موسى الصدر الذي ولد في قم الإيرانية وتتلمذ فيها ثم ذهب الى لبنان ليشكل المجلس الشيعي الأعلى فيه ولكي يشكل حركه أمل في مطلع عام ١٩٧٤ كحركة مسلحه الهدف المعلن لها مقاومه اسرائيل وحمايه الحدود اللبنانية . والهدف الحقيقي هو ضمان حقوق الطائفة الشيعية والتصدي لمحاولات تهجير الفلسطينيين وتوطينهم في لبنان. ولذلك وجدت هذه الحركة نفسها منخرطة في الحرب الأهلية اللبنانية أكثر من التصدي لإسرائيل وكانت معظم حروبها مع التنظيمات الفلسطينية واللبنانية المناصرة لها. وقد كان اول مسؤول تنظيمي لهذه الحركة هو مصطفى شمران والذي أصبح فيما بعد اول وزير دفاع لإيران بعد انتصار الثورة الخمينية. وعلى إثر اختفاء الامام الصدر إثر زيارة له الى ليبيا هو وصاحبيه في آب عام ١٩٧٨ تولى قياده حركه أمل بعده الرئيس حسين الحسيني ثم نبيه بري وذلك في عام ١٩٨٠ وحتى الآن.
ونعود لانتصار الثورة الخمينية في ايران وشعار تصدير الثورة وتوجه نظرها نحو لبنان ، ولكون حركه أمل وزعيمها نبيه بري كانت قد اتجهت نحو العمل السياسي فقد بحثت طهران عن شخصيات شيعيه أخرى تكون وسيلتها لمد نفوذها الى لبنان مثل محمد حسين فضل الله وراغب حرب وصبحي الطفيلي وحسن نصر الله وتم تشكيل (حزب لله) كحزب سياسي و إسلامي على المذهب الشيعي مسلح وله جناح عسكري يطلق عليه مجلس الجهاد وسياسي يطلق عليه كتله الوفاء وكان ذلك في عام ١٩٨٢ وذلك على أثر الاجتياح الصهيوني للبنان ووصولهم الى بيروت وارتكاب مذابح صبرا وشاتيلا وانسحاب منظمه التحرير والفصائل الفلسطينية الى تونس . وذلك كجزء من جهد إيراني لتجميع مجموعه متنوعة من الجماعات الشيعية في لبنان لتعمل تحت سقف واحد وليكون هذ الحزب وكيلاً لها في لبنان لخدمة صراعها مع أمريكا وإسرائيل كما أعلن في البداية وفِي الحقيقة لفرض وجودها على الساحة اللبنانية. وفِي البداية كانت القيادة بالحزب جماعية حتى عام ١٩٨٩ حيث أصبح صبحي الطفيلي اول أمين عام للحزب في الفترة من عام ١٩٨٩ولغايه ١٩٩١ بعدها تم انتخاب عباس الموسوي أميناً عاماً له الا انه ما لبث وان تعرض لعملية اغتيال وخلفه في هذا المنصب حسن نصر الله وذلك منذ عام ١٩٩٢ وحتى الآن.
فور تأسيس حزب الله فقد تلقى دعماً فورياً ومباشراً من السلطات الإيرانية ومن الحرس الثوري الإيراني الذي أرسل الى لبنان ١٥٠٠ من عناصره لتدريب جناحه العسكري بعلم وموافقة سورية التي كانت تتحكم في لبنان حينها كما قامت بتزويد هذ الحزب بالأسلحة والمعدات والتموين. وقد أخذ هذا الحزب يمارس حرب عصابات مع الكيان الصهيوني إما من خلال القصف المتبادل أو من خلال حرب العصابات في الجنوب اللبناني الذي بقي تحت سيطرة القوات الصهيونية أو من خلال التسلل عبر الحدود. وقد قامت أمريكا باتهام هذ الحزب بأنه وراء عمليتي تفجير مقري القوات الأمريكية والفرنسية في لبنان عام ١٩٨٣ والتي كانت من ضمن قوات حفظ السلام الدولية في لبنان والتي تولت هذه المسؤولية عام ١٩٨٢ في أعقاب انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان. وقد أسفرت هذه العملية عن مصرع حوالي ثلاث مائة جندي أمريكي وفرنسي وانسحاب القوات الدولية على إثرها من لبنان. كما اتهم هذا الحزب بأنه كان وراء عمليات اختطاف الرهائن الغربيين في لبنان في هذه الفترة.
وقد أصدر هذا الحزب بياناً في ١٦ شباط عام ١٩٨٥ يتضمن ان هذا الحزب ملتزم بأوامر قياده حكيمه وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه وتتجسد في قياده روح الله الخميني مفجر ثوره المسلمين وباعث نهضتهم. وعندما أصبح حسن نصر الله أميناً عاماً للحزب عام ١٩٩٢ أصبح الوكيل الشرعي لعلي خامنئي في لبنان ولطالما كرر المذكور في خطبه تبعيته وولائه للإمام الفقيه في طهران ولطالما ترجمت هذه العلاقة في الدعم المستمر من قبل إيران لهذا الحزب.
وقد استمرت الاشتباكات ما بين الحزب وقوات العدو الصهيوني في الجنوب اللبناني حتى عام ٢٠٠٠ حيث بادرت هذا القوات بالانسحاب من المناطق الجنوبية من لبنان مما أدى الى انهيار جيش لبنان الحر حليف القوات الصهيونية واعتقال بعض افراده وهروب الباقين الى داخل الكيان الصهيوني وسيطرة حزب الله المطلقة على الجنوب اللبناني ليصبح ارض حزب الله مثلما كان سابقاً ارض حركه فتح، بالإضافة الى سيطرته المطلقة على الضاحية الجنوبية من بيروت وأماكن أخرى في لبنان وأصبح يشكل فيها دولة داخل الدولة .
يتبع غداً ٢ / ٣