عاقل هو الذي لا يستطيع أن يفهم شيئاً مما يجري في الوطن العربي ، ويكون عاقلاً أكثر عندما لا يحاول أن يفهم شيئاً مما يجري في الوطن العربي..فالخارطة كلها تحوّلت الى لوحة سريالية بألوان حارّة ، ومضيعة للوقت تفسير معناها أو ما يجري فيها ، كما أصبح المحيط عبارة عن قسم طوارئ يعجّ بالإصابات السياسية والاقتصادية ومن الجنون الطلب من المصاب والنازف والتائه المساعدة لوجه الله..
خذوها ببساطة ما ينطبق على الأفراد ينطبق على الدول ، إذا أحسست أن بيوت الجيران كلها مضطربة ،أغلق عليك بابك وانتبه الى أولادك وإياك أن تحسب على أحد ضد أحد.. ودعونا نفكر من جديد كيف نقف على أرجلنا بعيداً عن «العصا والجزرة»، أن نعود دولة زراعية منتجة كما كنا قبل اكتشاف النفط، عندما كان القمح ورقة أمان في أيدينا حتى لو قامت الدنيا كلها ، فإن أمننا الغذائي مقدور عليه ...من خلال ما يجري وما هو مرشح انه سيجري ، واضح أن عبارة «المساعدات الخليجية» ستصبح إرثا من الماضي مثل «الدبل ويل» و»شيبس فطوطة» نحتفظ بها في الذاكرة لكن لا يمكن ان نسد به جوعنا الآني ..علينا ان نعتمد على أنفسنا أكثر ونعيش بواقعية أكثر ، لكن ليس على الطريقة الحكومية بفرض المزيد من الضرائب على الشعب المنهك ، وإنما باستثمار المكان نفسه والتخلي عن الرفاهية المبالغ بها التي تعيشها الطبقات السياسية العليا..
قلنا ما ينطبق على الأفراد ينطبق على الدول ..هناك مثل فلسطيني يقول « القمح والزيت ..سَبْعَين في البيت»..والسبع هو الأسد الذي يذود عنك ويحميك ولا تخاف من يدق بابك او يحاول أن يقتحمه..فأين أسد القمح الآن...أين الأراضي الزراعية؟؟ أين الموازنات الزراعية؟؟ أين الأراضي الشاسعة التي لم تستغل..علينا أن نكيّف معيشتنا من جديد..يجب ان نملأ رفوف الدولة الفارغة بمنتجاتنا نحن واقتصادنا الذاتي نحن..يجب أن نكفّ سجادة «...» ونحمل معول الإنتاج و»اللي بجيبه ربك مليح»..الزراعة أولاً والصناعات المحلية ثانياً وما لا يمكن استغلاله من الأراضي في الزراعة نستطيع استغلاله في إنتاج الطاقة النظيفة وبناء شراكات مع دول صاعدة وقوية وحلفاء جدد ..
الوطن العربي في هذه الأثناء « كل تيّان بتينه»..فعلينا أن ننتبه الى «تيننا» جيداً لنستطيع استهلاكه و تسويقه وبيعه وبالتالي الصمود طويلاً في وجه «الزوابع» السياسية... زمن المراهنات انتهى ،والسقوط لا سمح الله لا يفتح الا شهية السكاكين، وفي هذا الزمن «البراغماتي» البشع.. والله لن يحسّ بك الا ابن أرضك..
فلنفكّر بالابن والأرض معاً..
الراي