مشكلة المشاركة السياسية الفاعلة
د. عزت جرادات
19-11-2017 02:09 PM
يتبادر إلى الذهن... سؤال جاد وحادّ: هل ثمة مجال على الساحة الأردنية في الحديث عن التنمية السياسية حيث القضايا والأحداث الخارجية في المنطقة تتراكم بمتوالية جديدة، لا حسابية ولا هندسية، تأخذ شكل المفاجئات فتزيد الأمور تعقيداً؛ وحيث التطورات الإقليمية والعالمية متجددة...
أما على الصعيد الداخلي فثمة قضايا وإحداث جادة وحادة أيضا، بدءاً بمسألة الرغيف والحديث عن الضرائب المنتظرة والمتوقعة، والأشد خطورة الإرهاب... والتغيرات والمستجدات قرب الحدود....
فهل يبقى مجال للحديث أو الحوار حول التنمية السياسية أو الإصلاح السياسي أو خارطة طريق لتحقيق ذلك....
ويمكن القول... أن جلّ هذه القضايا والأحداث لها ارتباط وثيق بالتنمية السياسية أو الإصلاح السياسي في إطار بيئة ديموقراطية تعزز روح المشاركة والمواطنة... وتمتين الجبهة الداخلية والتماسك الاجتماعي لمواجهة تلك القضايا والمستجدات، إقليمياً وعالمياً وهذا يؤدي إلى أهمية إدراك عملية التنمية السياسية من حيث عناصر القوة، ومواطن الضعف، والفرص والتحديات:
- فعناصر القوة في المجتمع الأردني تتمثل في مجموعة من المعطيات، ومن أهمها الأوراق النقاشية الملكية والتي يمكن وصفها بأنها تعبير عن الإرادة السياسية العليا للتنمية السياسية؛ ومنظومة التشريعات الناظمة للتنمية السياسية كقوانين الانتخاب والأحزاب والصحافة واللامركزية، والثغرات التي برزت عند التطبيق، والبنى المؤسسية القائمة متمثلة بالفصل ما بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، ومناخ الحوار المجتمعي الذي يطرح العديد من قضايا المجتمع في مختلف المنتديات الفكرية والثقافية... وذلك كله على سبيل المثال لا الحصر.
- أما عناصر الضعف فتشمل مجموعة من المعطيات متمثلة بضعف الاقتناع المجتمعي بوجود الرغبة في التنمية السياسية؛ وتباين النظرة الى منظومة حقوق الإنسان، واحترام سيادة القانون ما بين منظمات المجتمع المدني؛ والعزوف عن المشاركة الحزبية لدى فئات مجتمعية مثل الشباب والنخب الفكرية، حرصاً على فرصها في العمل أو التقدم الوظيفي، وتأثير القوى المجتمعية المستفيدة من غياب التنمية السياسية التي تهدد مكاسبها، ووجود روح التناقض ما بين معايير الحراك الاجتماعي مثل الكفاءات العلمية وما بين اعتماد تلك الكفاءات على مرجعيات مجتمعية لتحقيق المكتسبات وبخاصة الفرص القيادية في المؤسسات وهذه الجوانب على سبيل المثال لا الحصر.
• وأما الفرص الواعدة للارتقاء بالتنمية السياسية أو الإصلاح السياسي، فتتمثل بالوعي المجتمعي وإدراك أهمية الديمقراطية في صنع المستقبل، والتي تعتبر نقطة توافق أو إجماع شعبي في عصر أصبحت فيه المجتمعات الديموقراطية هي المؤهلة للبقاء والتقدم والازدهار؛ وبارتفاع مكانة المجتمع الأردني تعليماً حيث تقل فيه نسبة الأمية عن (10%) وترتفع فيه نسبة الاهتمام بالقوة الناعمة فالمجتمع المتعلم هو ( الحاضنة للتنمية السياسية)، وأهم من ذلك كله الإيمان الراسخ لدى جميع فئات المجتمع ومكوناته بثوابت النظام الأردني المتمثلة بالنظام الملكي الهاشمي، وتماسك الوحدة الوطنية والانتماء الوطني الراسخ والدفاع عن هذه الثوابت أمام جميع قوى الإرهاب والعدوان...
• أما التحديات فتتمثل بعوامل البطء أو تدني الفاعلية في مستوى أداء المؤسسات الرسمية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني؛ والتباطؤ في معالجة القضايا المجتمعية الكبرى متمثلة بمعدل البطالة للخريجين وتزايدها، وبمعدل الفقر بمستوياته المدقع والشديد والقاتل للكرامة الإنسانية.
• وأخيراً، فأن هذه المنظومة التي تشمل عناصر (القوة والضعف والفرص والتحديات) يمكن أن تكون منهجية فعّالة لتحقيق التنمية السياسية.... ومعالجة مشكلة المشاركة السياسية الفعالة.