تصدرت فرنسا الساحة الدولية بنزعها فتيل الأزمة التي تسببت بها استقالة الحريري من رئاسة الوزارة في الرياض وبقاؤه بها. تطلب ذلك تدخل الرئيس الفرنسي وإجراءه محادثات في السعودية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس وزراء لبنان المستقيل.
تدخل الرئيس الفرنسي واتصاله بالسعودية هو نجاح يُسجل للدبلوماسية الفرنسية ومؤشر على مكانتها الرفيعة في الشرق الأوسط.
فقد كان الإليزيه قد أعلن أن الرئيس ماكرون هاتف يوم الأربعاء الماضي ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء اللبناني المستقيل للتوصل إلى حل للأزمة.
وقام الرئيس الفرنسي بزيارة مفاجئة للرياض، بعد حضوره تدشين معرض اللوفر في دولة الإمارات. وقابل يوم الخميس 9 تشرين الثاني / نوفمبر ولي العهد السعودي، و عبّر له عن «الأهمية التي تعلقها فرنسا بشأن استقرار و أمن و سيادة لبنان». في الوقت نفسه أعرب الرئيس ماكرون عن مساندته لمشروع محمد بن سلمان "رؤية المملكة ٢٠٣٠".
كما قام الرئيس الفرنسي يوم الأحد 12 تشرين الثاني/ نوفمبر بالاتصال بأنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، للتشاور في المساعي الفرنسية للوساطة.
هذه الجهود قد أعطت ثمارها وأطفأت نيران أزمة بين لبنان والسعودية.
دور الوسيط الذي لعبته فرنسا في هذا الملف، وضعها مجدداً على الخارطة الدولية، وهو دور فقدته فرنسا في العقود الماضية.
وفِي خطوة ممكن أن تُفهم بأنها جاءت لإرضاء الجانب السعودي، انتقد ماكرون السلوك الإيراني في المنطقة واتهمها بزعزعة الأمن فيها، كما انتقد تجارب الصواريخ البالستيه التي أجرتها إيران مؤخراً.
أهمية وساطة فرنسا في هذا الملف تأتي من كونها استطاعت أن تتوصل إلى حل وسط يحفظ ماء الوجه للأطراف ذات العلاقة، ولكن وبالرغم من أهمية هذه الوساطة، إلا أن الأزمة لم تنته بعد، فإذا أصرت المملكة العربية السعودية على تجريد حزب الله من سلاحه، سيؤدى هذا إلى تعقيد الأمور أكثر؛ لأن الدولة اللبنانية لن تستطيع إجبار الحزب على ذلك من غير وساطة دوليه تكون إيران طرفا فيها.
أما وقد أعلن سعد الحريري عن عودته الوشيكة إلى لبنان ، فهناك سيناريوهات عدة محتملة: فإما أن يصر على الاستقالة، ويعلن نهاية مسيرته السياسية أو تُرفض استقالته ويستمر في الحكومة إلى حين موعد الانتخابات البرلمانية. السيناريو الآخر هو أن يتم تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، والذي يمكن أن يفتح باب الحوار للتوصل إلى تفاهمات جديدة حول العلاقة مع حزب الله. فلننتظر أيا من هذه السيناريوهات سيتحقق.