أرباح المحروقات لدعم الصناعة؟!
د. فهد الفانك
17-11-2017 12:27 AM
من ضمن الأفكار الملفتة للنظر، التي طرحتها دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن يتم تحويل المدخرات (الوفورات) الناجمة عن رفع الأسعار المحلية للبترول إلى الصناعة.
الوفورات التي تحققت عند رفع أسعار البترول المحلية بعد انخفاضها عالمياً، تعتبر ضريبة على المستهلك للمحروقات، ومثل كل الضرائب تسجل حصيلتها ضمن الإيرادات المحلية، ووجودها يخفض عجز الموازنة ويقلل الحاجة للاقتراض ونمو المديونية.
تحويل هذه الوفورات لأي غرض يعني زيادة عجز الموازنة، لأن معناه إنقاص الإيرادات المحلية، وهو الوجه المعاكس للدعم الاستهلاكي.
لو كانت النفقات الجارية مغطاة بالكامل من الإيرادات المحلية فإن وفورات البترول تظهر كفائض في الموازنة العامة، يمكن تخصيصه لأي غرض يخدم الاقتصاد الوطني، وخاصة تسديد ديون ولكن الموازنة الأردنية لم تظهر فائضاً خلال الخمسين سنة الماضية.
فروقات أسعار البترول خدمت الاقتصاد الأردني، ووفرت مدفوعات بالعملة الأجنبية، وخفـّضت كلفة الصناعة الأردنية التي اخذت تتزود بالمحروقات بأسعار تقل عما كان سائداً من قبل.
أما أن يتم فصل هذه الوفورات بطريقة أو باخرى، ووضعها في صندوق مستقل، وتخصيصها لدعم الصناعة بالذات، فأمر غير مفهوم، فلماذا لا يتم دعم الزراعة مثلاً أو الإنشاءات، أو مشاريع الإسكان إلى آخره. ولماذا تستخدم لهذا الغرض إيرادات البترول وليس إيرادات الضرائب الأخرى.
لماذا نتعب أنفسنا في تحديد المشاريع والقطاعات التي يجب أن تستفيد من الوفورات في الوقت الذي تعاني فيه الموازنة من العجز.
هناك علاقة مباشرة بين وفورات المحروقات وعجز الموازنة، وكل قرش يمكن تحويله لدعم أحد القطاعات، خارج الموازنة أو داخلها، يعني زيادة عجز الموازنة بنفس المقدار، وبالتالي فإن الاقتراح يعني دعم الصناعة من عجز الموازنة الذي يغطى بالقروض.
لا تذهبوا بعيداً، فقد اقترب رئيس الحكومة من نفس الفكرة عندما قال إن ما يتأتى للحكومة من زيادة في إيرادات ضريبة الدخل بعد تعديل القانون، سوف يخصص لتمويل الدعم، وكأن زيادة الإيرادات جاءت مفاجأة غير محسوبة بحيث تحتار الحكومة في كيفية استخدامها، وتنسى أن سد أو تخفيض عجز الموازنة له الأولوية لعلاقته بالمديونية، ولولاه لما كانت هناك حاجة لتعديل قانون ضريبة الدخل وتأمين المزيد من الإيرادات.
الراي