"ام الغيث" وصلاة الاستسقاء
16-11-2017 02:00 PM
عمون – محمد الخوالدة - وفق مختزنات الذاكرة الشعبية في مناطق جنوب المملكة فان لفصل الشتاء الجيد دلالات مبكرة تبدأ في نهاية شهر ايلول من كل عام فيقولون "ايلول ذيله مبلول" أي ان المطر يبدأ بالتساقط في الايام الاخيرة من هذا الشهر .
كان ان فصل الشتاء مرتبط في الاذهان بالخير العميم والامطار الغزيرة والثلوج الكثيفة التي تبعث الخصب في الارض ، فالأرض وفلاحتها ومراعيها كانت مصدر الرزق الوحيد في ذلك الزمن الجميل ، زروعا تنتج القمح والغلال ومراع تنبت غذاء المواشي علفا اخضر يانعا يحفظ صحة الحيوان ويعظم مردوده لحما وخصوبة انجابية ، ولأهمية الشتاء وايامه المحببة فقد سميت بها كما يقول الباحث زكريا النوايسة اسماء بعض الاشخاص اناثا وذكورا ، قمرى ، نجمه ، شمسيه ، ثلجي ، ثليجه ، عشبه ، مطر ، امطير .
وان دخلت تشارين (شهرا كانون وكانون ثاني) ولم يسقط المطر فان هذا يبعث الخوف والقلق في النفوس ، ولابد في هذه الحالة من مضاعفة العبادة وممارسة الطقوس التي تقرب الناس الى الله زلفى ، ومن تلك الطقوس طقس "ام الغيث " الذي تقابله في هذه الايام صلاة الاستسقاء التي تأتي "بطلب من وزارة الاوقاف" لكن مع فارق اخلاص النية لله وصفاء النفوس والعقول من ادران الدنيا .
ما هو طقس "ام الغيث" وكيف كان يؤدى ، عودان متقاطعان تلبسان لباس رجل من الصالحين المعروف عنهم الانقطاع لله والكرم وحسن الخلق تحمله نسوة من المعروفات بالورع والتقوى ، وفي المعية جمع من الاطفال ، تنطلق مسيرة النسوة والاطفال والجمع يردد اهزوجة :
"يا ام الغيث غيثينا بلي شوشة راعينا ، يا ام الغيث يا دايم بلي زريعنا النايم" صوب مسجد البلدة حيث ينصب هيكل "ام الغيث" امام بوابته ، وهنا تتشابك الاهزوجة مع الادعية والعيون شاخصة الى السماء متضرعة خاشعة بإيمان وخنوع لله ، وكان يقال ان المطر حينها كان يتساقط للتو واللحظة مدرارا باعثا الحياة في اوصال الارض العطشى ليفجر خيرها العميم .