لم يجزم مصدر حكومي بعد إن كانت إسرائيل قد أبلغت الجانب الأردني رسميا بقرارها تجميد مشروع قناة البحرين (أنبوب وليس قناة كما قيل أكثر من مرة)، لحين عودة طاقم السفارة الإسرائيلية إلى عمان.
موقع إخباري إسرائيلي كان قد نقل معلومات منسوبة لمسؤولين إسرائيليين تفيد بذلك، لكن الرد الرسمي الأردني على تلك التقارير جاء عموميا وبلهجة سياسية حادة، خلاصته أن الأردن ماض بالمشروع بمشاركة إسرائيل أو بدونها، وأعاد التأكيد على شروط الأردن والتي على حكومة نتنياهو الاستجابة إليها قبل السماح بعودة الطاقم الدبلوماسي لعمان.
القضية سياسية بلا شك، لكن في موضوع القناة من المفضل أن نسمع رأيا فنيا. أولا ينبغي الإجابة عن السؤال الأساسي، هل أبلغت إسرائيل الأردن بقرارها تجميد المشروع المائي؟ وثانيا، هل يمكن للأردن حقا ان يمضي بالمشروع وحده دون إسرائيل؟
استنادا لما أعلن سابقا، المشروع ثلاثي؛ أردني فلسطيني إسرائيلي، وتم توقيع اتفاق رسمي بهذا الشأن، وعلى أساسه طرحت عطاءات الدراسة، ولاحقا استدراج العروض من الشركات المؤهلة.
هل يمكن في هذه الحالة تخطي تلك الاتفاقيات وما تم من خطوات تنفيذية واقتصار المشروع على الجانب الأردني؟
وإذا استثنينا إسرائيل فعليا، كيف يمكن تأمين الفلسطينيين تحت الاحتلال بحصتهم من مياه القناة "الأنبوب"؟
أعلنت وزارة المياه والري في وقت مبكر أن المشروع بالكامل سينفذ على الأراضي الأردنية، لكن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي سيستفيدان منه. في حال تنصلت إسرائيل من اتفاقية المشروع هل يمكن توفير التمويل اللازم له؟ نحن نعلم أن المشروع كان محصلة توافقات دولية لدعم عملية السلام في المنطقة. الولايات المتحدة ألحّت على تنفيذه، ولا شك أن البنك الدولي تحرك على هذا الأساس. ألا يخشى الأردن انسحاب الشركات المؤهلة لدخول المشروع، ورفع الغطاء الدولي عنه؟
دعونا نذكّر بأننا نتحدث بلغة المصالح لا المبادئ. ذلك ليس استهانة بالمسائل المبدئية التي يدور حولها الصراع مع إسرائيل. لكن ينبغي أن نفحص قدرتنا مسبقا على المضي بالمشروع وحدنا قبل أن نتخذ موقفا علنيا يُلزمنا بما لا نستطيع القيام به.
ما أخشاه أن نضع أنفسنا في سباق مواقف محرج، وعندها سيخرج من يسأل؛ إذا كنا جادين في لعب أوراقنا مع إسرائيل، لماذا لا نهدد في المقابل بوقف مشروع استيراد الغاز من إسرائيل؟ أوليس ذلك أكثر كلفة عليها من أي ضغوط سياسية؟
حكومة إسرائيل ماكرة ورئيسها من أسفل الساسة الإسرائيليين، لكنه مدعوم من واشنطن بقوة، لا محبة بشخصه الكريه، بل لعيون إسرائيل نفسها؛ حليفة الإدارة الاميركية على مر العقود.
إذا كانت الحكومة الأردنية واثقة كامل الثقة من قدرتها على تنفيذ مشروع قناة البحرين بدون إسرائيل، فعليها أن تخرج وتصرح بذلك للرأي العام، وعندها ستحظى بتصفيق الجميع، مع أن سؤالا يبقى في البال، إذا كان بمقدور الأردن أن ينفذ المشروع منفردا فلماذا أهدر كل هذا الوقت في المفاوضات مع إسرائيل.الغد