ما يجري في المنطقة والدور الإيراني فيه/ العراق اولاً
اللواء المتقاعد مروان العمد
14-11-2017 02:46 PM
منذ ايام وانا تلوح في خاطري أفكار كثيرة اريد ان اكتب حولها، وكلما فكرت في موضوع معين لأكتب عنه وأخذت أرتب افكاري بشأنه تقفز امامي أحداث اخرى تجري في مكان آخر وتستحق ان تكون موضع اهتمامي وكتابتي فأنصرف اليه ليبرز لي موضوع آخر وكلها لها أهميتها وخطورتها. لكني ومن خلال تنقلي من فكره لفكره أخرى أجد ان هناك خيوطاً تربط هذه الأحداث ببعضها البعض وكل منها تُنفِذ الى الأخرى بحيث يبدوا السيناريو واحداً ولكن المسارح والشخوص مختلفة وان جميع هذه الخيوط والسيناريوهات تؤدي الى طهران. ولهذا قررت ان تكون كتابتي متداخلة متحركة من منطقة لمنطقة محاولاً كشف خيوطها ومستكشفاً مسارها والى أين ستؤدي وما هو الدور الإيراني بها.
والبداية ستكون من نقطة البداية وعلى إثر قيام الثورة الخمينية والتي في حقيقتها ليست الا أجنده أمريكية فرنسية مشتركة بعد ان تخلت أميركا عن شاه ايران وحركت الشارع ضده ثم قامت فرنسا بنقل الخميني بالطائرة من باريس الى طهران حيث تم إسقاط نظام الشاه الشيعي واقامه نظام الملالي الشيعي والذي رفع من لحظته الاولى شعار تصدير الثورة الى دول الجوار والتي هي ليست الا الدول العربية السنيه . وما قضيه حجز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران وموضوع الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر الا المصيدة التي تم اعدادها لشعوبنا ألتي أخذت تهلل لهذه الثورة وللشعارات التي رفعتها ولتحريرها للسفارة الصهيونية في طهران ومنحها للفلسطينيين وطناً لهم تحت اسم السفارة الفلسطينية وان هذا الشيء الوحيد الذي عملته ثوره الملالي للقضية الفلسطينية من يوم انطلاقتها حتى الآن ، باستثناء توقيع الفتن والخلاف داخل الشعب للفلسطيني التي لم يستفد منها غير عدونا الصهيوني .
ثم كانت الخطوة الثانية عندما أخذت الثورة الإيرانية تضع النظام في العراق على رأس سلم أولوياتها في محاوله منها لنشر ثورتها فيه ، مما دفع الرئيس الراحل صدام حسين للقيام بإلغاء اتفاق للجزائر معها واستعادة المناطق التي تنازل عنها بموجب هذه الاتفاقية في شط للعرب لتكون بداية لحرب الخليج الاولى التي انطلقت في شهر أيلول عام ١٩٨٠ والتي استمرت ثمان سنوات ألزمت فيها أمريكا الدول العربية وخاصه الخليجية على تغطيه نفقاتها المالية وعلى شكل ديون على العراق . فيما كانت امريكا تزود العراق بالأسلحة حتى المحرمة منها دولياً لاستعمالها في هذه الحرب. وبنفس للوقت كانت تزود نظام الملالي بالأسلحة للمحافظة على توازن الرعب ولأطاله امد هذه الحرب بقدر المستطاع ومن ذلك ما اقدمت عليه اداره الرئيس الامريكي آنذاك رونالد ريغان من عقد اتفاق مع إيران بتزويدها بأنواع متطورة من الأسلحة عن طريق الملياردير السعودي عدنان خاشقجي والمتضمنة تزويدها بثلاثة آلاف صاروخ تاو المضاد للدروع والذي كان سلاحاً حديثاً في ذلك الوقت، بالإضافة الى صواريخ ارض جو مضادة للطائرات مقابل إخلاء سبيل خمسه من الأمريكان المحتجزين في لبنان من قبل مليشيات شيعيه مواليه لإيران. ولاستخدام ثمن هذه الأسلحة في تمويل حركات الكونترا التي كانت تسعى لإسقاط نظام الحكم الشيوعي في نيكاراغوا فيما عرف باسم إيران جيت أو كنترا جيت. وقد تم توقيع اتفاقية هذه الأسلحة في باريس ووقعها عن الجانب الامريكي جورج بوش نائب الرئيس الامريكي وأبو الحسن بني صدر رئيس وزراء ايران وبحضور مندوب عن الموساد الإسرائيلي والتي تولت عمليه نقل هذه الأسلحة بطريقه سريه الى طهران .
المهم في هذه الحرب التي وقفت فيها الحكومات العربية الى جوار العراق ان نسبه كبيره من الشعب ألعربي وللأسف كان يتعاطف مع ايران مصدقاً انها ثوره اسلاميه لدحر أميركا والصهيونية وحزب البعث الكافر . الا ان انكشاف قضيه ايران جيت ساعد في دعم الموقف للعراقي بالإضافة الى صمود الشعب العراقي بسنته وشيعته ومن خلفه القيادة العراقية الى ان تم ايقاف هذه الحرب العبثية في شهر آب عام ١٩٨٨ وأن كان دون تغيير على اوضاع اطرافها على الارض ودون ان يحقق اَي طرف غايته منها ولكن مع تكبيدهما الكثير من الخسائر البشرية والمالية .
وفي الفترة التأليه شهدت المنطقة نزاعاً عراقياً كويتياً على انتاج النفط واتهام العراق للكويت انها تحفر للتنقيب عن النفط بشكل مائل ومن داخل أراضيها وانها لا تلتزم بحصتها في انتاج النفط مما ادى الى انخفاض سعره وبالتالي انخفاض الدخل العراقي وعجزه عن سداد ديونه نتيجة حربه مع ايران بالإضافة الى مطالبه العراق بشطب ديون الدول الخليجية عنه بحجه انها ترتبت عليه اثناء حمايته للبوابة الشرقية لهذه الدول من الخطر الشيعي . وقد تطور هذا الخلاف الى ان قامت القوات العراقية باجتياح الكويت كلها وهروب اميرها الى السعودية والاعلان عن قيام الجمهورية الكويتية ثم الاعلان عن ضم الكويت للأراضي العراقية واعتبارها المحافظة رقم ١٩ في الجمهورية العراقية
وقد لعبت الولايات المتحدة دوراً رئيسياً بتشجيع الرئيس صدام حسين على القيام بهذه الخطوة وذلك عن طريق السفيرة الأمريكية في العراق ابريل غلاسبي حيث انه وفِي عده لقاءات بينها وبين صدام حسين تحدث فيها عن الصعوبات التي يعاني منها العراق متهماً الكويت بأنها تسرق نفطه وتتآمر عليه مهدداً باستخدام ألقوه ضدها وكان رد السفيرة ان أمريكا لن تتدخل بهذا الشأن العربي الخاص . وقد فهم صدام حسين من ذلك انها لن تعارض اَي خطوه يتخذها بحق الكويت مما شجعه على اجتياحها وضمهما للعراق .
الا ان الأحداث التي تبعت ذلك من قيام الولايات المتحدة بحشد تحالف دولي مكون من ثلاثة وثلاثين دوله بغطاء دولي بهدف تحرير الكويت من الاحتلال العراقي وبهدف آخر وهو القضاء على ألقوه العسكرية للعراق وعلى نظام صدام حسين وخاصه بعد سلسله من تهديداته بقصف الدولة الصهيونية بالصواريخ ولزياده قوته ونفوذه في المنطقة بحيث اصبح رجل الخليج القوي .ولهذا تم الإيحاء له بموافقتهم على اجتياحه للكويت لاستخدام ذلك ذريعة لمهاجمته والقضاء عليه واحتلال العراق لاستبدال هيمنته بالهيمنة الإيرانية على منطقة الخليج . ومن هنا نفهم لماذا وقفت سوريه الى جانب هذا التحالف بالرغم من الشعارات الثورية المعادية لأمريكا التي كانت ترفعها والذي لم نعرف تفسيراً واضحاً له في ذلك الوقت الا وهو تقديم خدمه لنظام ايران الشيعي وتحقيق انتقامه من العراق .
هذا وقد قامت القوات الأمريكية وبتاريخ الثاني من آب عام ١٩٩٠ بالتعاون مع دول التحالف بمهاجمه القوات العراقية في الكويت في عمليه عسكريه اطلق عليها أولاً درع الصحراء ثم اصبح اسمها عاصفه الصحراء وطرد القوات العراقية منه، ثم ملاحقتها داخل الاراضي العراقية لمسافه كبيره الى ان أصبحت طريقها مفتوحه نحو بغداد الا من الآليات العسكرية العراقية المدمرة عندما أعلن جورج بوش وبشكل مفاجئ وقفا لإطلاق النار وذلك بتاريخ الثاني والعشرين من شهر شباط عام ١٩٩١ وفرض حصاراً صارماً على العراق بالإضافة الى اقامه مناطق حظر للطيران فوق مساحات شاسعة في جنوب وشمال العراق . وذلك في حرب عرفت باسم حرب الخليج الثانية. بعد ذلك قامت أمريكا بعمليه درع الفرات والتي كانت متمثلة بنشر قواتها في عده دول خليجيه بحيث أصبحت تسيطر على منابع النفط بحجه حمايه هذه المناطق من نظام صدام حسين . ومن هنا يفهم سبب توقف القوات الأمريكية دون ان تواصل مسيرها نحو بغداد عندنا كان الطريق مفتوحاً أمامها لتستعمل من بقاء هذا النظام وسيله لتبرير بقائها في دول المنطقة وابتزازها .
هذا وقد استغلت ايران اوضاع العراق لدفع بعض الشيعة في الجنوب للتمرد على نظام صدام حسين الذي قام بقمع هذا التمرد دون اعتراض أمريكي لأنها لم تكن تريد انهيار النظام العراقي في ذلك الوقت . كما ان ايران امتنعت عن أعاده الطائرات العراقية التي كانت قد ذهبت الى ايران في بداية الحرب اليها وصادرتها . كما فتحت حدودها ومعسكراتها لتدريب الأحزاب الشيعية التي تمردت على النظام العراقي مثل حزب الدعوة وفيلق بدر في انتظار لليوم الموعود والذي كان بتاريخ التاسع عشر من آذار عام ٢٠٠٣ عندما اجتاحت القوات الأمريكية والقوات الحليفة لها العراق بمسانده من قوات البشمركه في شمال العراق والتنظيمات الشيعية من الجنوب الى ان استولت على مدينه بغداد في الثالث من نيسان من نفس العام بعد سنين من الحصار والضربات العسكرية . ودخل معها زعماء المعارضة العراقية والذين دخلوا على ظهر الدبابات الأمريكية مثل احمد الجلبي. في حرب عرفت باسم حرب الخليج الثلاثة.
وقد قام الحاكم العسكري الامريكي للعراق بول برايمر بحل حزب البعث والجيش العراقي وفتح الباب واسعاً امام المليشيات الشيعية العراقية القادمة من ايران بالدخول للعراق ودخل معهم الآلاف من الإيرانيين . كما مكنهم من الامساك بمفاصل الحكم في بغداد. وعندما أخذت تظهر مقاومه سنيه مسلحة ضد التواجد الامريكي في العراق، عملت إيران على ادخال أعضاء تنظيم القاعدة الذين لجأوا اليها بعد الاحتلال الامريكي لأفغانستان ومن ضمنهم ابو مصعب الزرقاوي واللذين أخذوا في ارتكاب مجازر وحشيه في العراق أدت الى الإساءة للمكون السني فيه. وقد تطور تنظيم القاعدة في العراق ليصبح تنظيم الدولة الإسلامية / داعش وسط موقف أمريكي يشوبه للغموض بالرغم من تشكيلها تحالفاً دولياً برآستها لمحاربه هذا التنظيم الذي تمكن من احتلال جميع أماكن تواجد السنه تقريباً بعد ان تم تسليمها له من قبل للقوات العراقية التي أصبحت تخضع للسيطرة الشيعة وليرتكب فيها هذا التنظيم ابشع المذابح والارهاب باسم الدين الاسلامي .
ثم حشدت القوات العراقية مليشيات الحشد الشيعي التي شكلتها مختلف الأحزاب الشيعية في العراق مدعومة بمتطوعين إيرانيين ومن أعضاء الحرس الثوري الإيراني وسرايا فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني و قامت بالاشتراك مع الجيش العراقي بتحرير المناطق التي سيطرت عليها داعش عن طريق تدميرها واستباحتها وإخضاعها لسيطرتها وليختفي أعضاء تنظيم داعش من أمامها بحيث أصبحت هذ المليشيات تسيطر على كامل الاراضي العراقية .
وبهذا فقد سقطت الورقة العراقية في الحضن الإيراني وأعلن أكثر من مسؤول إيراني ان العراق اصبح امتداداً للدولة الإيرانية التي أصبحت هي شرطي للخليج دون اَي محاوله للتصدي لها ولمنعها من القيام بهذا الدور . ولَم يبقى من الاراضي العراقية خارج عن سيطرة إيران والمليشيات الشيعية الا منطقة كردستان العراق. ولذا فقد تم ممارسه اُسلوب الخداع على رئيس هذا الإقليم مسعود البرزاني لكي يجري استفتاء الاستقلال والذي كانت نتيجته تدخل قاسم سليماني بشؤون الإقليم من خلال محافظة السليمانه الذي نجح المذكور بالإيقاع ما بين قسماً من قياديها وأحزابها وبين بقيه اقليم كردستان ومما مكن مليشيات الحشد الشيعي والجيش العراقي من السيطرة على محافظه كركوك وجميع المناطق المتنازع عليها خارج حدود محافظات الإقليم . ولا يزال مصير باقي محافظات اقليم كردستان غير واضحاً ولا زالت المليشيات الشيعية تحيط به تمهيداً لاقتحامها وإخضاعها لسلطة ولاية الفقيه الإيرانية .
والى لقاء في محطة أخرى .