يحدث بين المراهقين .. الإيموز!
رنا شاور
11-02-2009 05:12 AM
في مقولة قديمة تداولتها العرب أن ليس أسوأ من استرجال الناقة سوى استنواق الجمل. وزيارة واحدة للمجمعات التجارية الكبيرة في عمان مساءات الخميس كفيلة بأن تطفئ الأمل المعقود على الجيل القادم. تأخذ نفسا عميقا ينسحب إلى الداخل مشاعر مختلطة بين الاستنكار والاشمئزاز وأنت تصطدم بفتيان ينطبع على ملامحهم ميوعة ونعومة مقززة في التصرف والهندام واطالة الشعر وخشخشة الأساور، كما في نفس المكان تصطدم بفتيات استعرن أسلوب القوة برغم هويتهن الأنثوية، يتصرفن بخشونة ويلجأن لملابس وقصات شعر تجعلك تحتار بمن أمامك ذكر أم أنثى. وليس ما أذكر هو الوصف المناسب لما تتعثر به من قرف وأنت برفقة عائلتك وأطفالك بقدر ما هو على الأقل الوصف اللائق للنشر.
إن كنا في مجتمعاتنا المحافظة ما زلنا نقبع في مخابئنا وننكر ظواهر تنمو وتترعرع بتحفظنا على تلك الانهيارات الأخلاقية التي وراءها ما وراءها من شذوذ وتحولات سلوكية وفسيولوجية خطيرة، فإننا لا بد بهذا التجاهل نشجع انبثاق ظواهر أبشع وأكثر توغلاً بدأت تأخذ شكلها بين المراهقين وهي ما يسمى (بفئة الشباب الإيمو)، وأقصد بالشباب ذكوراً وإناثاً، حيث اللجوء لثقافة خاصة من اللباس الأسود أو اللباس القاتم وإسدال الشعر على العين اليسرى، ولبس السراويل الضيقة جدا أو الفضفاضة جدا تحمل كلمات من أغاني الروك الشهيرة، حيث يبدو مظهرهم متشابهاً سيماهم في وجوههم. وفي سعيٍ أعمق لإدراك معاني الظاهرة، فقد تجرأت واقتربت من أحداهن لأسأل ، فعرفت أن الإيمو شخصية تتميز بأنها حزينة، صامتة، كئيبة، متشائمة وخجولة، والأخطر أنها ذات ميول انتحارية..!.
وأدعو القارئ الكريم للتأكد مما أقول بأن يرقب تصرفاتهم في (المولات) وأن يتعرف أكثر على حالة الضياع بين بعض المراهقين، بالرجوع إلى موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية الشهيرة للاطلاع على تاريخ الظاهرة المنبثقة من ثقافة لا تخصنا.. ثقافة تمتزج بكثير من العادات الخارجة عن حضارتنا وديننا، والتي تبدأ بالاستماع لموسيقى صاخبة دون لحن ولا تنتهي بالتعبير عن الحزن بإحداث جروح في الرسغ.. وهو ما قامت به فتاة في الرابعة عشرة من عمرها أمام دهشة زميلاتها في المدرسة، وهو كذلك ما يروج له آخرون وتمتلئ به مواقعهم وصورهم على (الفيس بوك)..
بين الآفات السلوكية.. يبحر المراهق بميوله بعيدا عن معتقدات مجتمعه سعيا للاستقلالية لكنه ربما يضل طريق العودة.. لكننا متحفظون على أخطائنا وكأن جلودنا سماوية ودمنا أزرق ومجتمعاتنا لا تخطئ، ونستمر بالكتمان والإنكار بانتظار ضياع أجيال لا يرتجى منها الخير.. ألا يكفي ما يحصل في زواريب النهار وأوكار الليل. لكننا أفرطنا في الكذب أمام أنفسنا حتى لم تعد تعنينا الحقيقة. من ينقذ هؤلاء؟.