الملك حسين: موقف ووجهات نظر
م. أشرف غسان مقطش
14-11-2017 09:58 AM
تمر اليوم الذكرى السنوية لميلاد المرحوم بإذن الله الملك حسين بن طلال. وفي هذه المناسبة إخترت حدثا تاريخيا كان الملك قد عاصره في بداية التسعينيات من القرن المنصرم، وذلك للنظر في موقف الملك منه من خلال أكثر من زاوية، وبعيون شخصيات مختلفة قدر لها أن تعيش مع الملك أجواءه، في محاولة مني لكتابة جزء من تاريخ الملك بموضوعية وحيادية.
في الفيديو الموسوم ب"برنامج وثائقي، طارق عزيز، عن التاريخ وللتاريخ، الجزء الثاني" الموجود في "اليوتيوب"، يسأل علي الدباغ طارق عزيز عن موقف الملك حسين من (إحتلال / دخول) صدام حسين للكويت.
يجيبه طارق عزيز: "أقول للإنصاف أنه كان ملتبسا، وطمع في الموضوع، وتصور أنه سيحصل على أموال كبيرة لذلك إتخذ موقفا مؤيدا لصدام، لكن هل حرض على الحرب، أستطيع أن أقول أنه كان راغبا بنجاح صدام لكنني لم ألمس لعبة أو دورا توريطيا أو أنه حرض على احتلال الكويت وإنما وقف موقفا لصالح العراق".
لعلني لا أخطئ الحكم على إجابة طارق عزيز إذا قلت بأنها قد لا تمثل أكثر من وجهة نظره الشخصية في موقف الملك من الحدث، أي أنها ليست بالضرورة أن تكون الموقف عينه كما كان فعلا، ولربما كانت لا تمثل إلا انعكاسا لوجه من وجوه الحقيقة طاب لطارق عزيز أن يعبر عن بعض ملامحه بنظرة ذاتية لا موضوعية ولغاية في نفس يعقوب.
يتضح ذلك من خلال وجهة نظر أخرى طفق بها لسان صدام حسين في معرض حديثه مع محاميه خليل الدليمي عن موقف الملك، حيث يقول وكما هو موثق في ص 113 من كتاب "صدام حسين من الزنزانة الأميركية: هذا ما حدث!": "أما من يتهم الملك حسين بأنه دفع الأمور باتجاه دخولنا الكويت، فهذا كلام غير صحيح، إذ بذل الملك حسين جهودا كبيرة لحل الأزمة، وكان يحذر دائما من قوة أميركا وقدرتها على التدمير".
إذا كان الملك قد طمع في الموضوع وتصور انه سيحصل على أموال كبيرة لذلك اتخذ موقفا مؤيدا لصدام كما يدعي طارق عزيز فلماذا بذل جهودا كبيرة لحل الأزمة كما أشار إلى ذلك صدام حسين؟ وكيف للملك أن يكون راغبا بنجاح صدام حسين كما يزعم طارق عزيز بينما كان الملك يحذر دائما من قوة أميركا وقدرتها عل التدمير كما يقول صدام حسين؟
وإذا كان طارق عزيز يرى بأن موقف الملك كان ملتبسا فإن المتتبع لسطور وجهة نظر صدام حسين والمتفحص لما بين تلكم السطور لعله لا يراه ملتبسا بل قد يراه واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار!
ولعلني لا أجانب الصواب فيما لو قلت بأن الملك لم تكن له ناقة ولا جمل في (احتلال/ دخول) صدام حسين للكويت، ولم تكن لديه أية مطامع -كما يزعم طارق عزيز- من هذه الغلطة الكبرى التي ارتكبها صدام حسين، واعترف بها بنفسه بطريقة غير مباشرة في سياق نفس الحديث مع محاميه آنف الذكر.
ولا يسعني في ختام هذا المقال إلا أن أترك لك الحكم عزيزي القارئ على مدى صحة وجهة نظر طارق عزيز في موقف الملك من الحدث ومدى صواب وصفه له بأنه "ملتبس" في ضوء الإشارة إلى أن الملك كان يرجو صدام حسين بإلحاح شديد بالانسحاب من الكويت لأنه كان متأكدا من التدخل العسكري الأميركي فيما لو لم ينسحب صدام حسين من الكويت.
يقول محمد حسنين هيكل في ص392 من كتاب "حرب الخليج، أوهام القوة والنصر" وهو يستعرض جزءا لا بأس به من اللقاء الأول بين الملك وصدام حسين في اعقاب (احتلال/ دخول) صدام حسين للكويت بساعات لم تتجاوز الثمانية وأربعين ساعة:
"وراح يشرح الملك حسين –لصدام حسين- تفصيلا يقينه بأن التدخل العسكري الأميركي قادم لا شك في ذلك إذا لم ينسحب العراق من الكويت. وعاد الملك حسين يناقش ورجاؤه –لصدام حسين- بالانسحاب يزداد إلحاحا".