الحكومة في وضع لا تحسد عليه من جهة الاستقرار السياسي, فالمستقبل مجهول, وحولها كميات كبيرة من الاشاعات والصمت الباعث على القلق, وهذا الحال اكثر صعوبة على الحكومة حتى من التغيير, فهي لا تدري هل هي قابلة للحياة ام انها تعد اياما قد تطول حتى يتم الحسم.
واينما تذهب تسمع اشاعات عن اسماء تزداد فرصتها لتشكيل الحكومة الجديدة ومنهم رؤساء حكومات من عهد الملك عبدالله, ونسمع ايضا عن حالة مخاض سياسية مفترضة قد تفتح الباب امام تغييرات تتجاوز الحكومة وربما تطرح اسئلة حول مستقبل مجلس الامة.
وبعيدا عن الاشخاص فان هذا الحال السياسي الذي تصنعه امور عديدة يفتح شهية البعض ويعطي مبررا لنشاط وحركات من هنا وهناك لكنه ايضا يترك اثرا سلبيا على فعالية الحكومة وقدرتها على العمل. فالناس بشر والقلق يضعف الهمة ويجعل اي مسؤول يعمل وكأنه ترانزيت او حالة مؤقتة, وربما من شدة تضارب التحليلات هنالك من ذهب الى توقع تعديل قريب يتبعه تغيير بعد عدة اسابيع وهذا امر يدل على حالة الشتت في التحليل حتى ممن لا يعنيهم التغيير او التعديل.
هذه الحكومة وكل حكومة يعنينا كأردنيين ان تبقى في حالة آمنة تمكنها من العمل لان التباطؤ والتقصير والتشتيت ندفعه، نحن المواطنين، ويدفعه مسار الدولة. ولعل الحكومة والدولة دفعتا ثمنا غاليا للحالة السياسية السلبية التي عاشها الاردن منذ منتصف العام الماضي وما تزال ذيولها حتى اليوم بأشكال مختلفة.
اذا كنا نريد حالة من الاستقرار، فإن الحاجة قد تبدو ملحة الى تصفية كل صفحات ما مضى والانتقال من الخطوات الاضطرارية الى مسار متكامل يتم فيه اعادة الهدوء الصحي والاستقرار الى العديد من المؤسسات التي تأثرت بالشهور الطويلة والمملة والسلبية, التي احتاج علاجها الى وقت اطول مما يجب, وربما نحتاج الى صناعة مشهد سياسي جديد تكون فيه المؤسسات الدستورية لا تحسب على اي مسار غير ايجابي, ويعاد رسم المواقع وفقا لمصالح واحتياجات تفرضها المراحل القادمة سواء كان شكلها اقتصاديا اوسياسيا.
الحكومات السياسية ذات المواصفات الحقيقية والقدرات السياسية والاقتصادية والمدركة او الممثلة لمعادلات الاردن هي التي يجب ان تعود, فالحكومة قد تأتي في مرحلة معينة لكن هذا لا يكون على حساب مواصفاتها الكاملة, ولا يعقل ان تجد وزراء في حكومات لايعلمون عن الشأن السياسي الداخلي او الخارجي الا بمقدار الثقافة والمتابعة التي توفرها الفضائيات لاي متابع.
هنالك حاجة الى حسم مستقبل الحكومة الحالية باي اتجاه يراه صاحب القرار لان من حقها ان تعيش حالة عادية، وقد يكون ما تعيشه من قلق ناتجا عن طبيعة الساحة السياسية وناتجا ايضا عن عدم حدوث ما كان متوقعا من تعديل على الحكومة.
هناك حاجة بعد حسم مستقبل الحكومة الى حسم مستقبل بعض المواقف والمؤسسات لانها ايضا تعيش حالة من الاداء العادي غير المبادر او الفوضى حسب الموقع والمؤسسة, فالصورة العامة تبدو بحاجة الى "لملمة" سياسية لان المحصلة النهائية قدرة هذه المؤسسات على العطاء في عام لا يقل صعوبة عن العام الماضي. فهذا عام الركود الاقتصاد العالمي وعام يحمل ادارة اميركية جديدة وقيادة صهيونية جديدة, ونحن على الصعيد الداخلي خرجنا من حالة استقطاب سياسي ما يزال البعض يحاول اطالة عمرها.
sameeh.almiatah@alghad.jo