التغريبة الفلسطينية .. توثيق مبدع يشهد على هول الماساة
10-02-2009 10:14 PM
لم اشاهد فيما شاهدت منذ زمن بعيد .. دراما تلفزيونية جادة ومهيبة ومؤثرة ، مثلما هو مسلسل التغريبة الفلسطينية الذي مازال يعرض في بعض المحطات الفضائية .
قد نكون نحن من الجيل الذي لم يشاهد او يعاصر فترات اللجوء والنزوح عن ارض فلسطين ، لكننا ما زلنا نعاني جميعا فلسطينين وغير فلسطينيين اثار وتبعات هذا الحدث الرهيب ، الذي لم يحدث مثله في التاريخ بهذا الحجم وبهذه الطريقة المريبة التي تختزل في تفاصيلها الكثير من الالم والشقاء والمذلة والمهانة .
انني اتوجه لكل من لم يشاهد هذه الدراما العظيمة ، ان يعود الى مشاهدتها واخص بالذات الجيل الجديد من ابناء الشعب الفلسطيني المصابر ، وذلك حتى تستلهم هذه الاجيال عظمة التضحيات والمعاناة التي كابدها الاباء والاجداد في تلك المرحلة العصيبة من حياة فلسطين المغتصبة ، وحتى يتعرفوا على نوعية العدو الذي نجابهه .
لقد تشوه العقل الجمعي العربي والفلسطيني واخذ ينحى منحنى يبعدنا عن الماساة الرهيبة التي عاشها الشعب الفلسطيني في تلك المرحلة ، ويبدوا ان مثل هذ ا التشويه موجه ويراد له ان يذهب بعيدا عن الحقيقة المرة التي واجهها الشعب الفلسطيني .وذلك عن طريق تغييب العقل العربي عامة والفلسطيني خاصة بما جرى وما يجري ، والحث على استمراء الهزيمة والذل والاستكانة والرضوخ بكل مافي هذه الكلمة من معنى ، في سبيل انجاح المشروع الصهيوني ، الذي لم يالوا جهدا في سبيل تجهيلنا بحقيقته وبحقيقة اغتصابه لارض فلسطين وتهجيره الاليم والمذل والمرعب لشعب كامل دون اي رحمة .
وتاتي هذه الدراما الرائعة لكي تقدم لنا توثيقا مرئيا رائعا حول هول المأساة التي عاشها الشعب الفلسطين ، بكل تفاصيله وحثيثياته ، وليثبت للذين لم يدركوا ولا يريدون ان يدركوا ماهية هذا العدو الذي ابتلينا به .
لقد اجتمع في هذه الدراما جهد ثنائي رائع من الدكتور الاديب وليد سيف والمخرج المبدع حاتم علي ، ليترجموا لنا ابعاد المـأساة ، وعمق الجرح الفلسطيني الغائر في النفوس الى يومنا الحاضر
رغم تتابع الاجيال وتقادم الحدث ، الا ان الواجب على مثقفي الامة ومبدعيها ، باعتبارهم يمثلون الضمير العربي الحي ، ان يعملوا دون كلل لاسترجاع ذاكرتنا المنهوبة ، وتلقينها حجم المأساة وعظم الحدث ، الذي لايماثله حدث في التاريخ - ان يطرد شعب كامل من ارضة ليوضع مكان مجموعة من العصابات المشتته اعتمادا على اساطير وخزعبلات تترجم يوميا من خلال اعتداءاتهم وجرائمهم التي لاتهدأ-
لقد اصبح حري بنا نحن ابناء الامة ان نتدارك محاولات تغييبنا عن الحقيقة ، وان نعمل على مجابهة التطهير الفكري الذي يقوم به هذا العدو اللئيم ، للحيلولة دون تذكر الماضي اواستحضاره للحكم على حقيقتة وكشف اهدافه التي لن تقف عن حدود فلسطين ، بل ستتعداه الى غيره ، ان لم يكن جغرافيا فسيكون فكريا واقتصاديا ، وبكل ماهو متاح من مجالات الهيمنة والسيطرة والتدحين .
وهذا يتطلب منا الوعي والتوعية بحقيقة مايجري وما يقوم به هذا العدو من اساليب لا تخفى على صاحب ضمير حي وفكر نير . وعلينا ان نحصن انفسنا وعقولنا مما يراد لها من استلاب وتدجين كما يرتئيه اليهود واعوان اليهود .
وعلى الاجيال الحاضرة من اخواننا الفلسطينيين ، ان يتنبهوا الى حجم المؤامرة التي يهم بها عدونا وان لا ينخدعوا بتلاوين الساسة ومهاترات الواقعية ، واستصاغة هذا الواقع المهين والمذل الذي يراد لنا ان نستسيغه مع اخواننا الفلسطينيين ، لتخلوا الساحة لهذا العدو المتربص بنا جميعا لايمنعه من ذلك كونك عربي فلسطيني او غير فلسطيني .
الشكر كل الشكر لاصحاب هذه الدراما الرائعة التي استفزت في ذاكرتنا المهترئة ابعاد المؤامرة ، وحجم المأساة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني المكابر . ومرحى لكل مبدع يغار على ابناء جلدته ويوظف ابداعه وفكره وجهده في سبيل احياء ضمير الامة وصحوة ابناءها.