خلال الأسبوع الماضي وبالتزامن مع التطورات في الشقيقة السعودية وما تبعها مع الرئيس الحريري في لبنان علاوة على التطورات الميدانية في اليمن والأزمة الخليجية ، كانت وسائل إعلام كثيرة تتصل بي لمعرفة جواب لسؤال واحد مركب ومعقد ألا وهو: أين يقف الأردن وهل يستطيع أن ينجو من تلك المعادلة المعقدة دون أضرار أو تبعات وما هو مصيره ؟؟
بصراحة كان السؤال مهما وخطيرا وكان من الواجب أن يكون الجواب عليه علميا وتفصيليا ، وبخاصة أن وسائل الإعلام الغربية لا تقبل الإجابات « المعلبة « التي اعتاد عليها المسؤولون العرب.
حاولت قدر الإمكان الجنوح نحو المهنية في الإجابة وكانت أجوبتي على السؤال المركب على النحو التالي وفي سرد تم القبول به بيننا:
• لم يكن الأردن في يوم من الأيام متورطا في مشكلات المنطقة والإقليم ، بل كان على العكس وبكل أسف ضحية لتلك المشكلات وبخاصة الصراع العربي – العربي بالإضافة لنتائج الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية كما رفض ورغم ذلك تشكيل قوة عسكرية أو تنظيما سياسيا داخل الحالة الفلسطينية على غرار العراق وسوريا وليبيا.
• النظام السياسي الملكي في الأردن وفر مناخا معتدلا ضم كل الأطياف السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وهو مناخ أغلق الطريق على « بدعة « المعارضة الخارجية التي كانت ومازالت صفة « المعارضات العربية « التي تهرب من أوطانها بسبب الاضطهاد والقمع و تعتمد على جهات خارجية من اجل تنفيذ أجندات لها داخل أوطانها وهو امر ساهم في دعم الدولة الأردنية في تقوية بنيتها الوطنية في الوقت الذي كانت فيه عدة دول في الإقليم تعاني بشكل أو بآخر من هكذا « معارضات».
• نجح الأردن بنظامه الملكي في دعم عملية السلام التي كانت خيارا عربيا في قمة بيروت عام 2002 وقبل ذلك التاريخ كان الأردن وبرؤيته الواقعية للصراع مع إسرائيل من المنادين بالقبول بقرار مجلس الأمن رقم 242 الذي اتُهم الأردن بسببه بالتفريط وعاد اليه العرب باعتباره «شرعية دولية» يجب التمسك بها بعد عدة عقود من الرفض العدمي للقرار.
• حاول الحسين رحمه الله منع حرب الخليج الثانية عبر وساطته مع الرئيس صدام وأمير الكويت والملك فهد وإنهاء احتلال الكويت عبر حل «عربي» غير أن إرادة خارجية أفشلت تلك المبادرة التاريخية ، والآن نعيش النتائج الكارثية للوضع العربي بعدما أصبح القرار أميركيا.
• حاول الملك عبد الله الثاني منع الحرب الأميركية الثانية على العراق وكان أول زعيم في العالم يحذر من نتائجها ، وقال مقولته التاريخية ( نخشى من أن تكون النتيجة تشكل هلال شيعي)، وحينها «سكت الساكتون» الذين كان همهم الاقتصاص من نظام صدام حسين دون الالتفات للمصلحة الإستراتيجية للعرب.
• في ما يسمى بالربيع العربي نجح الشعب الأردني ومعه النظام السياسي في التكاتف لتجاوز «الربيع الاخونجي» ، ونجح النظام بفضل كل ما سبق في إعادة «الإخوان المسلمين» إلى منظومة الدولة الأردنية وكحزب أردني وإضعاف ارتباطه بالتنظيم الدولي للإخوان.
الخلاصة أن النظام السياسي في الأردن وبفضل كل ما سبق لم يكن في لحظة من اللحظات متورطا في الأزمات الكبرى في المنطقة ويملك رغم قدراته الاقتصادية الصعبة والمتواضعة (مناعة شعبية) لم تتوفر لغيره من الأنظمة الملكية أو الجمهورية في العالم العربي.
وهو بذلك بات يمثل النقيض للكثير من العقول الرسمية في العالم العربي التي يحركها الغضب أو الحقد ، فالهاشميون كانوا ومازالوا عقلاء العرب وسادتهم..
Rajatalab5@gmail.com
الراي