العبارة التقليدية التي تستخدم عندما تهب رائحة الحرب وهي دق الطبول، ارتبطت بأزمنة لم يكن فيها الاعلام قد اخترع طبولا جديدة، وأصبح يخوض حروبا كلامية، منها ما يؤدي الى اندلاع حروب ميدانية، ومنها ما يجري تنفيسه بدبوس واحد فقط عندما يكون هناك توازن رعب، او خشية متبادلة من مضاعفات كارثية تأتي على الاخضر واليابس، لهذا كانت الحروب الباردة على اختلاف الاطراف والاشكال سواء بين دول او طوائف لا تعبرا عن توازن الرعب، ورغم اقتران هذا المصطلح بالسلاح النووي الا انه قابل للاستخدام في سياقات تقليدية على درجة من النديّة !
ما يحدث الان في هذه المنطقة التي كان قدرها التاريخي والجغرافي معا ان تبقى بؤرة ملتهبة هو حرب طبول بامتياز، والتصعيد فيها إعلامي، واحيانا تصبح هذه الحرب مع وقف التنفيذ اشبه بلعبة عض الاصابع، ذلك لأن كل الاطراف المعنية بالتصعيد والتوتير تجرعت مرارة حروب كان بالامكان تداركها واستبدال اسلحتها الفتاكة باسلحة اخرى منها الدبلوماسية وما يمكن ان تتوصل اليه التفاهمات!
حرب الطبول قد تكون احيانا اشد صخبا من حرب البارود خصوصا في عصر ازدحم فضاؤه بمحطات تشبه غرف العمليات، بحيث يمكن للهجاء السياسي المتبادل ان يستمر على مدار اللحظة وليس مدار الساعة كما يقال!
وقد عرف عصرنا نمطا من الحروب البديلة، وما ينتج عنها من خسائر وغنائم، بحيث تضع اوزارها قبل ان تبدأ، وما يحدد ذلك هو ميزان القوى، وهناك دول ايضا كالافراد تستحق رحمة الله لمعرفتها قدرها، والطبول التي تقرع في الفضاء العربي بلا توقف مليئة بالهواء، وقد تتوقف وتصمت لمجرد ان تُثقب بابرة! والشعوب التي يشكل الفقر والبطالة والاستنقاع السياسي والاجتماعي قاسما مشتركا بينها كان يجب ان تعلن حروبها على ما تعانيه من تخلف؛ لكنها كالجرح الذي يجهز على ما تبقى فيه من حياة بالانتحار!
وكما حوّل العرب اشياء كثيرة من نعمة الى نقمة حوّلوا تكنولوجيا الاعلام والتواصل الى نقمة والى قطيعة وعزلات!!
الدستور