من دبي الى عمان : صيف ثقيل
حسن الشوبكي
10-02-2009 11:54 AM
سرعان ما فقدت بريقها ، وتحولت من مدينة الاسرار الاقتصادية كما كان يراها المتفاءلون الى مدينة للخسارات بعيون المتشائمين ، وهي بين الصورتين انتقلت من حال الى حال ، ولعلها المدينة العربية الاكثر تأثرا من تداعيات الازمة المالية العالمية ، ففي دبي حاليا الكثير من تقليص الوظائف واغلاق الشركات ويبدو ملمح الامارة الرئيس شح السيولة .
قد لا تبدو شحا بل انعداما للسيولة وهو الذي دفع البنوك الاماراتية الى نشر اعلانات مفادها ان تلك البنوك تمنح 7.5 % على الودائع .. انهم يحتاجون الى النقد ، وهم الذين تدني عمل الشركات لديهم الى ادنى مستوياته ولم تستطع البنوك الكبيرة من اعلان نتائج اعمالها رغم مضي اربعين يوما على بداية العام الذي يوصف بأنه الاسؤا في تاريخ دبي ، وتتدحرج الكرة وتكبر معها المشاكل والازمات ، فها هي شركات بحجم " اعمار " و" داماك " و" نخيل " وغيرها من شركات العقارات تستغني بالمئات وفي بعضها بالالاف عن موظفيها وتحذو حذوها شركات ومؤسسات صغيرة .
الازمة اتت على العمالة في دبي بكل اشكالها بما فيها العمالة المحترفة والمهنيين لا سيما الاردنيين منهم ، وتشير الاحصائيات الى ان ذيول هذه التداعيات طالت وستطال نحو 120 الف مقيم في دبي - نحو 50 الف عائلة – ويشكلون نسبة تفوق 11 % من اجمالي عدد سكان الامارة البالغ 1.2 مليون نسمة، وموسم الرحيل بدأ في الشهر الاخير من عام 2008 وتبعه اعداد بشكل اكبر الشهر الماضي ومن المنتظر ان يكون مطلع فصل الصيف المقبل عنوانا اكبر للعقود المنتهية وعودة المغتربين عن اوطانهم ، وازعم ان الرقم الذي تناقلته اوساط اقتصادية خليجية حيال عدد تصاريح العمل والتاشيرات الملغاة يوميا بحجم 1500 تصريح وتأشيرة بسبب الازمة يشير دون ادنى شك الى انقلاب حقيقي في واقع وحقيقة دبي الاقتصادية .
حدثني صديقي مقيم في دبي ويدير شركة وساطة مالية كبيرة عن حال الاردنيين هناك ، ويؤكد ان 10 % على الاقل من اجمالي عدد الجالية في دبي والشارقة البالغ نحو 200 الف نسمة سوف يغادر البلاد بفعل فقدانهم وظائفهم وهي النسبة التي تدعمها معلومات دبلوماسية تشير الى رحيل ما يقارب 10 الاف اردني خلال شهر كانون الاول الماضي وبما لا يقل عن 2500 عائلة ، ويتوقع صديقي ان يعود بعد انتهاء ابنائه من الدراسة للفصل الدارسي الثاني في شهر ايار المقبل ، ويتوقع ايضا ان يتدفق ايضا الى البلاد عشرات الالوف من المغتربين استنادا الى ان عام 2009 لا يحمل نذر الخير على المستوى الاقتصادي كما ان دبي تحاول ان تتماسك في مواجهة اعصار مالي بأي طريقة بما في ذلك تقليص الوظائف واغلاق الشركات المالية التي تعتمد على السيولة فيما السيولة مفقودة .
المعلومات والاحصائيات غير الرسمية تشير الى نسبة تقارب 90 % من ابناء الجالية الاردنية في دبي والشارقة يعتبرون ضمن خانة المدين حيث تتوزع دخولهم وتتفرق مع نهاية كل شهر وفقا لاتلزامات بنكية مديدة وتبقى حصة متواضعة تتحول للادخار او لحساب بنكي للاهل في البلاد ، وهذه النسبة الاكبر ستبحث عن وظائف عندما تعود في الصيف المقبل ، اما النسبة المتبقية والبالغة 10 % فإنها تشمل من تمكن من تأسيس رأسمال متوسط وكبير ويملك ثروة في دبي وقد يعود وربما يبقى ولكن قرار العودة او البقاء مرهون بتطورات الشهور المقبلة وبحسابات الربح والخسارة للاستثمارات القائمة .
عودة بعض المغتربين المتوقعة من دبي في الصيف المقبل تعيد الى الاذهان عودة المغتربين الذين كانوا في الكويت بعد حرب الخليج الثانية قبل 18 عاما ، ويعود الى الذهن ايضا ضعف إدماجهم ضمن مؤسسات اقتصادية ومشاريع بعينها تساعد في رسم اقتصادي جديد ، رغم ان كثيرا منهم حصل على تعويضات وقتها بمبالغ تراوحت بين عشرات الالاف ووصلت حد الملايين لبعضهم ، وانتشروا في الاقتصاد المحلي دون خطط او رؤية ، والمأمول ان لا يتكرر مشهد العشوائية والارتجال مع المغتربين القادمين من دبي .
الغد.