عبثية النخبة ورغبات التغيير والتعديل
عمر كلاب
09-02-2009 09:27 PM
يراقب المتربصون للمواقيت والاهلة الاسبوع الجاري بعين مختلفة ومتيقظة كل لفتة وايماءة ملكية بعد ان استقر وجدانهم على ان هذا هو اسبوع الحسم لملفي الحكومة والنواب ، وبدأت بطاريات الشحن تنبض باسماء وتخريصات تستفز خياشيم راصدي الخبر ، وبدأت الهواتف تترقب الرنة المطلوبة وابتاع اخرون بدلات داكنة.
مشهد راصدي التحولات السياسية يطغى على مشهد راصدي انباء الطقس في بلد يحتل فيها الراصد الجوي مكانة متقدمة بوصفه زرقاء يمامة الغيم واول البشارة او مطلقها على الاقل ويتمنى راصدو الاهلة الملكية ان يعثروا على راصد سياسي يكشف اسرار الغيمة القادمة .
المدينة الطبية وكما ساهمت في شفاء الوطن والمواطن كثيرا ساهمت في رصد حالات استشفاء وطنية فالحديث الملكي عن بقائها صرحا وطنيا عبق السلوك والذكرى يعني في التأويل السياسي ان افكار وطروحات البيع واصحابها قد افلت وان القاطرة الوطنية تجاوزتهم ، ويعني ان انصار الثوابت والاصول الوطنية وعدم البيع حققوا على الاقل نقطة في سلة خصومهم السياسيين ربما تكفي للبقاء والنعديل وربما لا تكفي فالامر بيد صاحب الامر ، لكن شكل القادم بات محدد المعالم على الاقل .
صالونات عمان والتي عجزت المدينة الطبية عن علاج امراضها تراقب وتجري التحاليل والصور المقطعية والطبقية وكعادتها تختلف في التشخيص الذي بات مطلوبا منه ان يحقق رغبات المحلل لا نوع المرض وعلاجه وربما هذا هو سبب تشتت التحليلات الى حد الانقلاب من الشحص الواحد الذي يقدم تحليلا في الصباح يناقضه في الليل .
ضياع البوصلة عند النخب مبرر لان تلك النخب تبحث عن تحليل يرضيها عكس بوصلة الشارع الذي بات ملحاحا في السؤال اكثر من النخب الطامحة فرغم علم كثيرين بان التعديل او التغيير لن يشملهم ولن يقترب حتى من مناطقهم فانهم سرعان ما يبادرون بالسؤال تعديل ام تغيير ويسهب في شحذ ما يدعم وجهة نظره التي تكون مبنية على رابط دم او صداقة قديمة نسيها المسؤول المنتظر او انحيازا لصالون ما او مجرد انحياز لسمعة او مسقط رأس ، بل ان بعضهم ينتظر ما يدعم به احباطه او موقفه الثابت بان الامور"خربانة"وبان"الرايح اخو الجاي ".
الحمى الان تجتاح الجميع ، بما يرافقها من هذيان سياسي ، وارتفاع حرارة على هذا الطرف او ذاك ، لكن لا احد يؤشر للان على الاسباب الموجبة للتعديل او التغيير ولا احد يقدم رؤيا لضرورة رحيل هذا او بقاء ذاك ، ولا احد يسأل عن شكل القادم وملامحه وكأن المطلوب فقط رحيل القائم الان .
المشهد محكوم بعبثية النخب ، المفهومة عن تيار العابثين من الادباء والشعراء ولكنه ليس مقبولا عند تيار السياسيين والنخب فالعبثي كافكا عندما امر الحوذي ان يرحل بعيدا عن هنا في مسرحيته الشهيرة كان يريد فقط الابتعاد ، ولكن المواطن ليس له وطن غير هنا لذلك لن يقبل من نخبه المفترضة ان تفكر في مستقبله بعقلية المهم رحيل الحالي ، على امل ان يشمله الجديد بحنانه وتشكيله ، القصة ليست في البقاء او الرحيل للحكومة وللمجلس الاخطر شكل القادم وهذا ما لا يتحدث عنه احد.
omarkallab@yahoo.com