شاهدت حلقة من حلقات برنامج "أجرأ الكلام" لطوني خليفة، يستضيف فيها أوكا وأورتيجا وشعبان عبد الرحيم وحلمي بكر.
وأوكا وأورتيجا مؤديان غنائيان كما وصفا نفسيهما في الحلقة إياها، و"شعبولا" غني عن التعريف لكنه وصف نفسه مطربا شعبيا في نفس الحلقة، أما الأخير فقد قدمه طوني على أنه أستاذ موسيقار كبير.
لن أحكم على الأسلوب والطريقة التي تعامل بهما "الأستاذ الكبير" الموسيقار مع طوني وضيوفه الآخرين وهو يناقشهم في قضية الحلقة: ظاهرة موسيقى المهرجانات والغناء الشعبي.
بغض النظر عن وجهة نظر الأستاذ الكبير صحيحة كانت أم خاطئة لكنني سأدلي بدلوي في قضية الحلقة.
بالنسبة لي، موسيقى المهرجانات التي أبدع -وأعنيها حرفيا- بها كل من أوكا وأورتيجا تحت مظلة فرقة ال8%، تكاد أن تكون أصدق تعبير عن واقع الحال الذي يعيشه الإنسان البسيط، والمواطن المغلوب على أمره، والشباب العاطلين عن العمل، وغيرهم ممن سلك منهم طريق المخدرات والحشيش والإدمان على الكحول لسبب ما أو آخر.
موسيقى المهرجانات توشك أن تكون مرآة المجتمع بأغلب مشاكله وقضاياه بدون أدنى تكلف أو تصنع، تلمس ذلك من خلال الكلمات المنتقاة من صميم الحياة التي يعيشها معظم الشباب العرب.
هي اللسان الناطق بالشاب العربي التائه على وجهه في ظل هذه الظروف العصيبة التي تعصف بالوطن العربي من المحيط الى الخليج.
موسيقى المهرجانات تتحدث بلسان موسيقي عن شخص أودع شقيقه في السجن بسبب خلاف على الورثة كما في مهرجان "هب ودب"، وتشير الى مدى استشراء الوساطة والمحسوبية والرشاوي تحديدا كما في مهرجان "هتجن يا ناس"، وتطرح قضية التحرش الجنسي بكل جرأة كما في عدة مهرجانات منها "هاتي بوسه يا بنت"، وتشكو من لعنة الحسد كما في مهرجان "أنا أصلا جامد"، وهلم جرا من مختلف القضايا والمشاكل التي يمر بها المجتمع العربي الذي يئن تحت وطأة الحكومات الفاسدة بمختلف أشكال سلطاتها ومظاهرها الديموقراطية الزائفة.
ولعلني لا أغالي إذا قلت أن مهرجان "الحارة" فيه من النصائح والحكم التي لا بد لكل شاب في مقتبل عمره أن يستمع لها برفقة موسيقى مقفاة بقافية واحدة، وبكلمات تلقى بارتجال من دون تعال أو رفع مناخير لأعالي السماء!
لست ناقدا فنيا، ولا أريد الدخول بالقارئ في معمعة المصطلحات الموسيقية من "قرار وجواب"، و"ميلودي"، والمقام وغيرها من مصطلحات فنية لا تغني ولا تسمن من جوع. لكن ما أريد الوصول إليه هو أن موسيقى المهرجانات تكاد تكون أفضل وأصدق ناطق إعلامي بقضايا المواطن العربي ابتداء من مشاكله الجنسية حتى فساد المسؤولين مرورا بلقمة عيشه الكريم!