احتاج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لبعض الوقت قبل أن ُيعد رده على استقالة السيد سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية، تلك الاستقالة التي أعلنها من الرياض بصوته حياً على التلفزيون، فكان مفاجأة غير محسوبة.
مثل كل خطابات نصر الله جاء الخطاب طويلاً كالمعتاد، وهو يتلو خطاباته كما لو كانت مرتجلة، مع أنها معدة بعناية. وإذا كانت استقالة الحريري مفاجأة فإن رد (السيد) كان مفاجأة أيضاً ولأسباب أخرى.
بقدر ما كان الحريري واضحاً، وقدم نقاطاً محددة، فقد جاء خطاب نصر الله عمومياً، يدل على الهدوء والقدرة على تحمل الصدمة، ولكنه لا يرد ولو على نقطة واحدة من النقاط التي أوردها الحريري.
الحريري قال إن إيران تفرض وصايتها على لبنان. وهذا صحيح بدلالة نص تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني نفسه. وقال إن حزب الله ذراع إيران في المنطقة تستخدمه كأداة حيثما أرادت. وقال إن حزب الله يشكل دولة داخل الدولة، وانه يفرض نفسه على الجميع بقوة السلاح، وأنه يفرض سيطرته على المرافق الحساسة للدولة (المطار، الميناء، الاتصالات إلى آخره)، ولم ينف ِ السيد نصر الله هذه التهم الخطيرة ولم يعلق عليها.
بدلاً من ذلك ذهب رئيس حزب الله باتجـاه إعطاء معلومات مصنوعة واستنتاجات قد تكون صحيحة وقد لا تكون، ولكن لا دليل على صحتها، مثل أن السعودية أجبرت الحريري على الاستقالة، وأنها لا تسمح له بالعودة إلى لبنان، وأن نص الخطاب مكتوب من طرف السلطات السعودية وليس للحريري من دور سوى قراءته. وبالتالي فإن هناك معادلة متوازنة بين الجانبين: حسن نصرالله وحزب الله تحت إمرة إيران، والحريري وتيار المستقبل تحت إمرة السعودية، والموضوع بكليته ليس لبنانياً، الوضع الراهن مريح وكان يجب أن يستمر.
إدعاءات الحريري على حزب الله يمكن إثباتها بسهولة (باستثناء استهداف حياته)، وادعاءات نصر الله على الحريري لا يقوم عليها دليل باستثناء أن الحريري رجل السعودية في لبنان بقدر ما حزب الله اداة إيران في لبنان.
ليس معروفاً كيف ستتطور الامور في لبنان، ذلك أن تشكيل حكومة جديدة مستحيل، وبالتالي فإن الازمة مفتوحة، لها بداية وليس لها نهاية، بل إن هناك تخوفات من قيام حرب أهلية والاحتكام إلى السلاح.
حرب بالوكالة بين إيران والسعودية، والخاسر الوحيد هو لبنان.
الراي