لم يتوقّف التنقير والحركشة وتسميم الأجواء منذ إقالة أحد الشخصيّات الاقتصاديّة البارزة من منصبه ..وكأنّ الأمور لن تستقيم في هذا البلد ما لم يُعَد هذا "المفكر الجهبذ" إلى الإدارة العامة التي فكّكها وسار في خرابها انسجاما مع توجّهات غربيّة لا تريد الخير للبلد قيادةً وشعباً ....
نعم ...ففي ذروة انشغال العالم كلّه بالعدوان الإسرائيليّ العنصريّ على أهلنا في قطاع غزة انصرفت ثلّة مِنْ كتّابنا للحديث عن الأسباب التي دفعت سيّد البلاد إلى قبول استقالة مدير المخابرات العامّة، وكأنّها المرّة الأولى والأخيرة التي نشهد فيها تغييراً في هذا الموقع الهام. وأخذ عدد محدود - نعرف أسباب هجمتهم جيّداً- بربط القرار بقصص لا تمتّ للواقع بصلة؛ في محاولة مكشوفة لملاحقة الرجل إثر مواقفه الرافضة لتفكيك أجهزة الدولة وسحب الولاية العامّة ومصادرة القرار مِنَ الحكومة وتجريدها مِنْ كامل صلاحياتها؛ وهي الأهداف التي دافع عنها الاردنيّون بعفوية ...وكان لعدد مِنَ الكتّاب دورهم الاستباقيّ في كشف حجم المؤامرة وتعرية رموزها ودهاقنتها. الذين أؤكّد أنّهم كتبوا حبّاً وحرصاً على البلد وسعياً للمحافظة على مؤسّساته الراسخة التي يستفزّ تماسكُها انصار "منظر التفكيك" ، الراغبين في خلط الاوراق واثارة الفوضى والفتن تمهيدا لفرض سيناريوهات متعلّقة بالحلّ النهائيّ للقضيّة الفلسطينيّة ...خاب فألهم و طاشت سهامهم ..
وكم كانت فرحة الاردنييّن كبيرة وهم يستقبلون كلامَ جلالة الملك الذي حسم فيه موقف الدولة من ملف بيع المدينة الطبيّة حيث قال إنّ "مدينة الحسين الطبيّة كانت هدية الحسين لأبناء وبنات هذا الشعب الخير المعطاء، وهي عزيزة وغالية ولها مكانة خاصّة في ضمير ووجدان كلّ أردنيّ وكلّ أردنيّة".
وأضاف جلالته "مِنَ الوفاء للحسين، والتزاماً بواجبنا تجاه بلدنا وشعبنا، سنحافظ على هذا الرمز، وعلى هذا الإنجاز الحضاريّ الكبير الذي نعتزّ به، وسنعمل على تطوير وتحديث هذا الصرح الطبيّ الكبير وزيادة قدراته وإمكانياته، وتزويده بأحدث الأجهزة والمعدات والكفاءات البشريّة، التي تمكّنه مِنْ أداء رسالته الإنسانيّة النبيلة، وتحافظ على مستواه المتميّز ومكانته المرموقة ".
وبذلك تكون توجّهات الملك ورؤيته هي التي دافع عنها الاردنيّون منذ البداية وليس أيّ شئ آخر. ففي كلّ يوم تثبت القيادة أنّها الأقرب إلى نبض الشارع والأكثر حرصاً على حماية مقّدرات الوطن ومؤسّساته مِنْ أيّ مُزايد ودخيل وعابث ومتصيّد في " الحدث " ..
وللأسف، ما دامت إرادة التزوير مبيّتة لدى البعض فإنّنا سنستمرّ في متابعة ما يسمّونه "تحليلات" للمشهد وهي لا تعدو عن كونها مواقفَ شخصية يتم إسقاطها على ما يجري في محاولة لليّ عنق الحقيقة عن سبق إصرار وترصّد.