هل تتحول بعض الجامعات لديكتاتوريات مصغرة!
د.مروان الشمري
08-11-2017 06:23 PM
في الوقت الذي يحتضن الاردن منتدى العلوم العالمي وبرعاية ملكية مباشرة للعلم واهله وفِي الوقت الذي يشهد العالم المتقدم اهتماما غير مسبوق بالعلم والعلماء وإنتاجهم الفكري ويوليه اهل الحكمة جل اهتمامهم كالمدخل الرئيسي والاهم لدراسة مشكلات العالم وتحدياته الكبرى وبنفس الوقت الذي كرم فيه سيد البلاد المفدى ثلة من علماء الاردن الذين نفخر بهم ونباهي كان بعض الأساتذة في بعض الجامعات يخضعون للتحقيق والاستجواب امام المحاكم بتهم وجهت لهم تحت مسميات الاساءة وغيرها وقبل ذلك كان موظفون اخرون يستقبلون عقوبات تأديبية بسبب قيامهم بمشاركة منشورات تنتقد بعض الرؤساء وغيرها من الأخبار التي تأتي من بعض جامعاتنا وتذكرنا ببعض الدول الافريقية حيث يضيق صدر حكام تلك الدول حتى لأبسط الانتقادات او المطالبات المحقة.
انه لمن المحزن ان نرى كيف تتحول بعض جامعاتنا لشبه ديكتاتوريات مصغرة تقوم على حكم فئة محدودة وهم الرئيس وشلته حسب تسمية السواد الأعظم من موظفي تلك الجامعات وهو ما يعكس عقلية ضيقة الأفق لبعض الرؤساء لم يتسع حلمها وعلمها وحكمتها لانتقاد مشروع هنا او مطلب هناك، اننا نرى يوميا الاف الانتقادات للحكومة والنواب ومؤسسات الدولة الكبرى والأمنية وغيرها ومع ذلك لم تشهد المحاكم ان احدا من تلك الجهات قاضى اردنيا فقط لمجرد انتقاده تلك الجهة او تلك طالما ابتعد الانتقاد عن التجريح والاساءة المقصودة او المطالَب غير المحقة.
فهل يرى بعض الرؤساء في أنفسهم شخوصا اعتباريين اهم من كل تلك المؤسسات والجهات التي ذكرت؟!
ان الجهد العظيم الذي يبذله قائدنا المفدى للنهوض بالعلم والتعليم يجب ان يقابله إسناد كامل وفعلي من الجسد الأكاديمي يقوم على التعاون والتشاور والتشاركية واحترام الرأي والراي الاخر والابتعاد عن المناكفات والابتعاد عن تحويل الجامعات لساحات صراع سلطوية بين المحسوبين على بعض الرؤساء والمعارضين لنهجهم.
ان النهوض بالتعليم العالي يتطلب تركيز الجهود على ما هو اهم وهو زيادة التوجهات الريادية وتحسين نوعية البحث العلمي والتدريب والتطوير الخاص بالطلبة وتطوير المناهج الجامعية وزيادة التعاون بين المجتمع المحلي والجامعات وبين القطاعات المهنية والاقتصادية والصناعية والجامعات وطلبتها وأساتذتها للوصول لحالة مثالية كما يحدث في دول العالم المتقدم، وليس الانتقام والحقد واشاعة اجواء الحروب الطاحنة بين هذه الفئة وتلك والترصد والتقاضي والتوتر وتسخين اجواء غرف القرار الجامعي في الوقت الذي يمكن تسخير تلك الطاقات جميعها خدمة للعلم واهله وليس للانتقام والفتنة في داخل جسد أكاديمي كان الاولى به ان يكون القدوة.
ان اخشى ما نخشاه هو تحول بعض الجامعات بإداراتها لشبه ديكتاتوريات مصغرة وهو الامر الذي سيدفع ثمنه الجميع وسيخسر منه الوطن وحده وشبابه وسيزيد من حالة الاحتقان الحاصلة الان في بعض جامعاتنا.
على بعض الرؤساء ان يفكروا قليلا وان يتقوا الله في وطننا وفِي أهله وفِي مجتمعنا الأكاديمي وان يقتدوا بسيد البلاد حفظه الله وان يتعاونوا مع كوادر جامعاتهم لما فيه مصلحة الوطن وشبابه ومستقبله وليس لمصلحة شلل بعينها.
والله من وراء القصد