الوضع في القدس، يزداد حرجا، اذ إن الاقتحامات الاسرائيلية، للحرم القدسي، باتت يومية، اضافة الى قرار اسرائيل بتشكيل شرطة خاصة للحرم القدسي، بما يهدد مجمل الوضع.
علينا ان نلاحظ، ان اسرائيل، وبعد فترة من المواجهات داخل الحرم القدسي، بما في ذلك، وضع البوابات الإلكترونية، ثم ازالتها، عادت بعد فترة من التوتر الاردني الاسرائيلي، اثر حادثة السفارة، ومغادرة البعثة الدبلوماسية، بالتصعيد داخل القدس، بشكل يجعل هناك رابطا واضحا بين الوضعين.
بطبيعة الحال، فإن الاجراءات الإسرائيلية، ضد المسجد الاقصى، ليست وليدة هذه الظروف،ـ بل هي متواصلة منذ عقود، اضافة الى ما يحدث في القدس، من مصادرة للارض، وتهويد للمدينة، وتغيير لبنيتها الديموغرافية، وسحب بطاقات الاقامة، وغير ذلك من اجراءات خطيرة.
لكن الزاوية التي يراد معالجتها اليوم، ان اسرائيل اضافة الى سلوكها المعتاد، تستفيد من الظرف الحالي، باعتبار ان هناك قطيعة سياسية بين اسرائيل والاردن، لمزيد من اجراءات التصعيد، دون ان تأبه برد فعل الاردن، بل ان تل ابيب، تبتز الاردن علنا، وتسمح بمزيد من الاقتحامات، وتتخذ قرارات سيئة جدا، دون ان تضع في حسابها، اي اعتبار لموقف الاردن، باعتباره يتخذ موقفا سلبيا، بعد مقتل مواطنيه، واصراره على غلق السفارة، واستبدال السفيرة السابقة.
المقصود من هذه التصرفات، احراج الاردن، واضطراره للعودة من اجل التنسيق السياسي، باعتبار ان تل ابيب قادرة على جعل الاردن امام فاتورة الأقصى بكل كلفتها الكبيرة.
هذا الكلام، لايعني بشكل مباشر او غير مباشر، وجود حاجة سياسية، لتخفيف الحدة في العلاقة مع اسرائيل، من اجل المسجد الاقصى، فهذا هو التوظيف الذي تريده اسرائيل، اساسا، ولايجوز ان نتورط هنا، بالتوطئة لهكذا تنازل اردني، تنتظره اسرائيل، تحت عنوان ملف الاقصى.
التوظيف السياسي الاسرائيلي، لملف الاقصى، لغايات ترتبط فعليا بالرغبة بكسر الجمود السياسي في العلاقات، امر يتوجب مجابهته بطريقة مختلفة، اقلها تصعيد الحملات السياسية ضد اسرائيل، وليس دفع الثمن، عبر ملف السفارة، والارجح ان هناك جهات عدة، سوف تنصح الاردن، بالتنازل قليلا في ملف السفارة، من اجل ماهو أعظم ، اي ملف الاقصى، وهذا فخ خطير جدا، لا يجوز الوقوع فيه، او الاقتراب منه.
كل يوم تثبت اسرائيل، مايعرفه الجميع، فهي مجرد احتلال، تهدد كل المنطقة، فوق قيامها على ارض ليست ارضها، وما تشكله من تهديد استراتيجي للمنطقة العربية والاسلامية، ويكفينا الكلام عن الكلفة التي دفعها جوار فلسطين المحتلة، طوال عقود، جراء سياسات اسرائيل، وتحالفاتها الدولية، التي يتم توظيفها ايضا، ضد المنطقة، وشعوبها، واستقرارها.
يبقى الرأي الاخير الذي لا يزال غير مصدق، لوجود انهيار في العلاقة الاردنية الاسرائيلية، عبر الغمز من قناة الاردن، والحديث عن علاقات عميقة، او قديمة، او طويلة الامد، وعن علاقات على مستويات مختلفة، سياسية وغير سياسية، للتأكيد على ان كل قصة الخلاف، مجرد مسرحية سياسية، وهؤلاء يتوجب القول لهم، اننا امام ظرف مختلف، لايمكن تجميله، ولاتحميله، فوق مايحتمل، ويمكن تلخيصه ببضع كلمات تقول ان التهديد الاسرائيلي للاردن، يظهر هذه الفترة في اعلى درجاته، في ظل سياسة الاستخفاف الاسرائيلية، بكل شيء.
الدستور