الأمانة تؤسس شركة !!
النائب الاسبق خلود الخطاطبة
07-11-2017 07:03 PM
بالأصل فإن ايرادات البلديات ومنها أمانة عمان الكبرى قائمة في معظمها على رسوم أو ضرائب أو مخالفات سير أو مخالفات صحية وغيرها الكثير من أوجه الجباية التي يجب أن ينعكس كل فلس محصل من هذه الابواب على تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في مناطق العاصمة عمان.
وتختلف أمانة عمان عن غيرها من المؤسسات الخدمية كونها تتغذى في ماليتها من جيوب المواطنين بشكل مباشر، لذلك فان على مجلسها التفكير مليا بقراره انشاء "شركة استثمارية" الذي صدر أمس الاول، لأسباب عديدة منها ما هو قانوني ومنها ما هو اجرائي، مع أهمية الاشارة الى أن الأمانة التي تبلغ ميزانيتها السنوية 496 مليون دينار، تعاني من مديونية تفوق المائة مليون دينار بحسب أرقام غير رسمية رغم جميع الرسوم والضرائب التي تتقاضاها. ومن الأسباب ما يلي:
اولا: تنص المادة 5/أ/3 من قانون البلديات على أنه تناط بالمجلس (البلدي أو أمانة عمان) ضمن حدود منطقة البلدية مهمة "اعداد البرامج ومتابعة تنفيذها لتحقيق التنمية المستدامة بمشاركة المجتمعات المحلية وادارة جميع الخدمات والمرافق والمشاريع المحلية المناطة بها من خلال موظفيه ومستخدميه او بالتشارك مع بلديات أخرى أو أي جهة أخرى ذات اختصاص او من خلال تأسيس شركات تملكها البلديات سواء لوحدها او بالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المحلي شريطة موافقة الوزير المسبقة على ذلك".
ويتضح من خلال هذه المادة حق المجالس البلدية بإنشاء شركات لكن ليست "استثمارية" وانما شركات تضمن للبلدية تنفيذ برامجها المنصبة على الجانب الخدمي، كإنشاء شركة لاستيراد المعدات اللازمة لاستخدامات الامانة من اليات ومستلزمات حدائق مثلا، أما القانون برأيي لم يبح للأمانة القيام بالاتجار بشكل مباشر بالمبالغ التي يتم تحصيلها من الضرائب العامة والرسوم.
ثانيا: قرار مجلس أمانة عمان نص على "إنشاء شركة مساهمة خاصة تعنى بالاستثمار بشكل عام وفي قطاعات النقل والتطوير العقاري والخدمي والسياحي وأية غايات أخرى"، فكيف تكون الامانة هنا مهمتها تسهيل تقديم الخدمات للمشاريع التجارية في عمان ومنافستها في ذات الوقت، أي بمعنى ان الامانة يمكن ان تستخدم صلاحياتها لترويج تجارتها وتفرض في المقابل قيودا على الشركات الاخرى المنافسة وبطريقة غير مباشرة توصلها في النهاية الى احتكار قطاع تجاري معين.
ثالثا: ادارة الامانة على مدى سنوات سابقة لم تتمكن فقط من ايجاد طريقة مثلى للتعامل معادلة بسيطة تتمثل في تحصيل الايرادات والموازنة مع الانفاق على المشاريع الخدمية وأوصلتها الى وجود عجز مالي، فكيف يمكن ان تتعامل مع أوجه الاستثمار المختلفة في قطاعات تحتاج الى خبراء اقتصاد وليس مجرد شراكات مع مجموعة من رجال الاعمال في القطاع الخاص.
رابعا: تجربة المواطن مع دخول المؤسسات الحكومية الى مجال الاستثمار، مريرة وأدت الى فقدان الثقة بنتائج تجاربها رغم ان الشركات كانت في أغلبها مساهمة عامة، فكيف سيكون الامر عندما تدخل أمانة عمان الى مجال الاستثمار من خلال انشاء "شركة مساهمة خاصة" برأس مال بسيط يصل الى 100 الف دينار، ورغم قلة مبلغ رأس المال الا أن الخطورة تكمن في أن هذه الشركة البسيطة أعطيت حق استثمار "أصول ورخص الأمانة" وهي تقدر بعشرات الملايين.
خامسا: قرار انشاء الشركة والمضي في اجراءاتها يحتاج الى موافقة (الوزير) حسب قانون البلديات وفي حالة امانة عمان فان الوزير هو رئيس الوزراء الذي نطمح بان يخضع القرار الى دراسة مستفيضة قبل الموافقة عليه.
. أخيرا.. ليس لي شركات أو مؤسسات لكني أخاف دائما عندما تفكر مؤسسات تدار بذهنية حكومية بيروقراطية على مدى عقود في الاستثمار بأموال الناس، والشواهد كثيرة.