تساؤلات مشروعة للمدينة الجديدة؟
د.أحمد فايز الهرش
07-11-2017 10:52 AM
بعيدا عن السجال الدائر عن ماهية المنطقة الجديدة المراد إنشاؤها فإنّ توقيت الإعلان عنها بظرف اقتصادي صعب قد ألقى بظلاله على الفكرة ابتداء، وذهب محللون إلى أولويات المرحلة وناقش غيرهم الواقع التاريخي والسياسي لمدينة تاريخية قد يودي القرار بمركزها السياسي ومكانتها السيادي.
أخطر ما في الموضوع ربما الجانب الاقتصادي الذي لم تحسم أسئلته وربما تعجل الإعلان أربك المشهد بما لا يشي بطبيعة الفكرة أصلا، وراحت الأسئلة تتردد في جوانب عدة مهمة منها المكتسبات التي حازها مواطنون بسبب تلازم إقامتهم وأسباب رزقهم بصلب المنطقة التي أصبحت شريان الأردن التجاري، فمن سيعوض هؤلاء إن اعتبرت بعض الشوارع الحيوية التي يصل فيها سعر المتر ب 1500 متر إلى شوارع عادية تخلو من مؤسسات ارتبط كينونة الشارع بها.
ثم إنّ حال البعد والقرب عامل حاسم في تقدير الأراضي وأثمانها، وكيف سيضحي من استقر به المقام وسط الميدان الحيوي لمنطقته لينتقل طوعا أو كرها لمنطقة لا يعلم مدى نجاحها أو عدمه، وما الإلزام القانوني أو السياسي الذي ستفرض فيه الحكومة على الناس الذهاب لمنطقة صحراوية مستحدثة؟
إخراج المشهد الحكومي للعاصمة/ المنطقة/ المدينة الجديدة جعل الضبابية تعمّ الأمر دون وضوح، فعلى سبيل المثال: كيف ستجد الحكومة مخرجا لاستثمارات بمئات الملايين استثمرها مواطنون في عمان بعقارات وأسواق تجارية ومجمعات تجارية و مولات ضخمة، ومن الضامن أن لا يلحقهم الخسائر والأضرار بهؤلاء واستثماراتهم؟
كما أن التساؤلات نالت كبرى الأسواق التجارية الضخمة "المولات" التي استثمرت في منطقة جغرافية معينة لأبعاد اقتصادية واستقرار سياسي لعاصمة ملتهب محيطها، فهل ستكون هذه المولات قادرة على المناورة في موقع جديد خاصة أن موضوع نقل السلطات السياسية والمراكز السيادية الوطنية لمكان جديد سواء ببعده القانوني والسياسي كعاصمة أو كمدينة جديدة، سينال من مرونتها وقدرتها على توفير السيولة والعائد لأصحابها؟
لا يختلف اثنان أن الأمر في عمان بات معقدا مروريا بالإضافة إلى صعوبة بالتنقل وعشوائية التوسع وحتى اكتظاظ غير مبرر لمحال تجارية متشابهة المضامين ومناطق تجارية استهلاكية متراصة، وقد أخفقت السياسات لجعل من المحافظات مراكز تنموية لما حولها، وكانت الجامعات مركزا لتحريك شيء من الواقع الاقتصادي الراكد إلا أنها لم تنجح لوحدها في تغيير واقع أن عمان هي حلم المواطن الأردني عملا وسكنا واستقرار.
ضبابية الأفكار والقرارات السياسية إن لم تحسم تسبب ركودا ينعكس على واقع السوق حتى تتضح كنه القرارات المنوي اتخاذها وأثرها على المستثمر.
فقد بات الشارع اليوم بحاجة لاستقرار نتيجة التسريبات المتكررة تارة بسبب الضرائب وتارة بسبب رفع أسعار سلع أساسية وتارة إنشاء مدينة جديدة...
وأخيرا كان على صاحب القرار ألا يغامر بالإعلان عن معلومات استراتيجية قبل اتضاح مشهد كامل لما يؤسس له وإلا فإنّ الجميع سيدفع كلفة ضبابية المشهد.
* أكاديمي وباحث