شبابنا والتطرف والغلو والإلحاد !!
محمد الداودية
06-11-2017 12:38 AM
كثيرا ما اصطبغت الأحزاب والجماعات ذات الشعارات الدينية، بالانتهازية السياسية وضحالة الخطاب الاقتصادي و»شعارية» الخطاب السياسي و»شعبويته» الممجوجة، اعتمادا على حجة احتكروها تخرس خصومهم وترهب محاججيهم وهي اعتبارهم وكلاء الله على الأرض!!
بالمقابل كثيرًا ما اصطبغت الأحزاب والهيئات والمنظمات والتكوينات المدنية والليبرالية والعلمانية، المضادة لهم، بالفساد والظلم والبطش والاستبداد وانتهاك حقوق الانسان وكراماته؛ ما أوقع المواطن في حيرة شديدة وضياع كبير، فعليه ان يختار بين قوى وأحزابٍ وتكويناتٍ لا تؤمن بالتعددية السياسية ولا بحضور الاخر ولا بالديمقراطية التي يذللونها للوصول الى الحكم، وبين أحزاب النخبة الكرتونية الفاسدة «المطخوخة» من الداخل، التي يتم تركيبها على عجل «الظهر الحمرا» وتجري محاولة دفعها الى الصدارة.
لهذا وقعت التشوهات الحادة في الهياكل الحزبية العربية التي سماها صدام «الحلقات الفنية» في خطابه الشهير في بغداد امام مؤتمر القوى القومية العربية التي ضللته حين وعدته بالتصدي للامبريالية وبوارجها في البر والبحر والجو عندما تثور اول طلقة على بغداد، فسقطت كل أنواع القذائف على بغداد ولم تثر أي طلقة «قومية» على بوارج وقاذفات وقوات الامبريالية العالمية وحلفائها العرب!؟.
واستحضِرُ نموذجا «طازجا» هو الحزب السلفي، حزب «النور» المصري الذي خاض الانتخابات النيابية متحالفا مع الاخوان المسلمين وحصل على نحو 25% من مقاعد مجلس الشعب المصري ولكنه سرعان ما خذل «الاخوان المسلمين» وطعنهم في الظهر ناقلا بندقيته الى الكتف الاخر دون تبرير او تفسير او وجل او خجل. وهكذا اصبح بالإمكان ان ينقضّ الحزب الذي حصل على شرعيته بالانتخابات على الحزب الاخر الذي حصل على شرعيته بالانتخابات لصالح القوى التي أطاحت بالشرعية، في فاصل انتهازي مغثّ لا نظير لفظاظته وقبحه!!
ان حال الامة العربية - وحال الامة الإسلامية بدرجة اقل قليلا - البائس، المزري، المشين، المثير للأسى والشفقة، الذي قادت اليه الأنظمة المتهتكة، الفاسدة، العنيفة والمتوحشة هو البيئة الأكثر خصبا لنمو كل ما هو متطرف، مغالٍ، هجينٍ، شاذٍ، عنيفٍ، استئصالي، خارج عن السياق والعقل والذوق. وان استمرار هذا الهزال السياسي والنهب الاقتصادي والمزيد من استشراء قوى الفساد والظلام والقدامة، يزيح المزيد من الشباب - ولاحقا القوى الاجتماعية المهمشة المحرومة- نحو الانفصال النفسي والروحي عن أنظمتها وعن مجتمعاتها وعن نخبها السياسية.
والدلائل تشير الى ان الحال الكارثي الراهن للامتين العربية والإسلامية، يوفر بعض مسببات الإلحاد والانحراف لدى الجيل الشاب الجديد، الذي ما نزال نضخ عليه، في عصر الانترنت وتحول العالم الى حارة صغيرة، خطاب الخزعبلات والخرافة والجهل مثل: «التداوي بشرب بول الابل» وتطيير النوم من عيون الأطفال بذكر الغولة كي يناموا» !!
منذ قرون والعرب والمسلمون يتغنون بالماضي التليد تحت شعار «الأصالة» ونستحضر انتصارات اسلافنا في معارك تاريخية كبرى فاصلة، ونواصل الدعاء على الصهاينة بالهزيمة والكسيرة، لكننا ما نزال نواصل اقتراف الهزائم تلو الهزائم، وما نزال ننزلق ونواصل الانحدار والتمزق بشرا وأوطانا.
ولذلك يجدر ان نعمل من اجل فصل السياسة بكل ما فيها من خبائث ومصالح ومؤامرات ودسائس وانتهازية ونجاسة ، عن الدين بما فيه من طهر ونبل وقيم وسمو وقداسة.
ولذلك يجدر ان نعمل من اجل اعتماد قيم المواطنة والدولة المدنية والحداثة مقابل القدامة والخرافة والتخلف.
الدستور