نشر الصور والفيديوهات والخصوصية الفردية
د. تيسير المشارقة
05-11-2017 01:46 PM
يأخذون لك الصور الفوتوغرافية والفيديوية بإذن وبغيره على شكل سيلفي فوتوغرافي وفيديوي (صوت وصورة). ويذهبون على عجل. وحين تفكر في أمر الاعتراض يكون هؤلاء قد رحلوا عن المكان. ماذا نفعل بهؤلاء القناصين والباباراتزي والمتطفلين والمتلصصين. كيف يمكن ردعهم قبلما يرحلون. ويستغلون هذه الصور والفيديوهات بطرق متعددة . الصورة في وقتنا المعاصر باتت لازمة ولكنها مؤذية في آن.
المعلومة لا تكتمل احيانا إلا بوجود الصورة . ان تغييراً كبيرا طرأ على أخلاقيات التصوير ومهنة الإعلام بشكل عام، كما أن العولمة وتطور وسائل الإعلام وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، خلق نظرياته الخاصة، وصار هناك تصورات مهنية جديدة .وما كان يسري على الصحافة المطبوعة أو الإذاعة والتلفزيون سابقا تغيّر، واصبحنا بحاجة لوضع دراسات جديدة وتصورات أخلاقية مختلفة تتماشى مع ظروف العصر ومع التغييرات والتحديات.
كنت قد أشرت في تصريح لوكالة الأبناء الأردنية بترا (للصحافية وفاء مطالقة) 4/10/2017 إلى أن احترام كرامة الإنسان مسألة نسبية؛ فإخفاء المعلومة أو الصورة في الخبر في البلدان العربية، للحفاظ على كرامة الانسان، أمر متوقع ، بينما في وجهة نظر الغرب قد يكون ذلك أمراً لا أخلاقيا، لأن الصورة تنقل معلومة للمتلقي، ولا يجوز حجبها .وبيّنتُ في حينه أن المعلومة لا تكتمل احيانا إلا بوجود الصورة، وبالتالي، فإن الإعلام الناجح هو الذي يسعى إلى إحداث الصورة أو الفيديو.
أصبح المواطن يلجأ الى توثيق الأحداث والمعلومات عبر الفيديو لاستخدامها لاحقا، وصار بإمكان أي "مار طريق" او "شاهد عيان " التقاط مشاهد عديدة بكاميرا هاتفه لأي موقف مثير مر به في الطريق ونقلها الى اقصى بقاع الأرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، بينما من الممكن ان يتوقف خبر مهم عند عدد قليل من الناس اذا لم يتم توثيقه بالصورة او الفيديو. التوثيق بالصورة والفيديو يُوضّح حجم بشاعة الحدث . نحن بحاجة في ظل التطور الهائل على تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال وشكل وسائل الاعلام، الى اعادة النظر بأخلاقيات العمل الإعلامي ومهنة الصحافة والإعلام، وهذه المسألة تقع على عاتق الأكاديميين وصناع القرار.
يمكن بث صور الأحداث العنيفة المختلفة بحدود؛ بحيث يعرف الناس حجم البشاعة التي ارتكبت فيها الجرائم، . دون وجود صورة لا يمكن ايصال الفكرة كاملة.
لو كان الناس يمتلكون أدوات نشر ووسائل اتصال وكاميرات متطورة لتوثيق الجريمة الصهيونية في قتل الناس في القرى والمدن الفلسطينية المدمّرة عام 1948، لما استطاع العدو الصهيوني الاستمرار بغطرسته وتشريده لآلاف البش .
ويمكن الإشارة إلى اسلوب عصابة داعش الإرهابية التي قامت بتصوير عمليات القتل الجماعي التي ينفذها مجرموها، بهدف بث الرعب في قلوب الناس وعقولهم. فهذا الاسلوب كمثال انعكس سلبا على تلك العصابة واستخدم ضدها، بحيث تحوّل هؤلاء "الأبطال" الدواعش الى قتلة وارهابيين وسفاحين. لذلك، فان استخدام الفيديو يعتبر سلاحا ذا حدين؛ فمن ناحية هو يوضح شكل العنف الذي حصل، ومن ناحية ثانية قد يُستخدم ضد مبرري العنف انفسهم. استفادت داعش من هذا الأسلوب بعض الوقت لمد نفوذها وسيطرتها. وخسرت من هذا الأسلوب كل الوقت لأنه حوّل "داعش" إلى جماعة إرهابية متوحشة.