لا أعرف تحديدا الدولة التي تنتمي إليها القناة التلفزيونية الراعية لمسابقة شاعر المليون، وإن كنت أعتقد أنها دولة خليجية ، ولا أدري هل عملة قيمة الجائزة المليونية هي الدرهم أو الريال أم غير ذلك ؟ لكني أعتقد أن هذه المسابقة هي من العبثيات العربية لهذا العصر .
إن كان المقصود بالمسابقة المزعومة رعاية وتكريم الشعر العربي فالمسابقة لا تقدم شعرا ولا هم يحزنون ، إذ انها تقدم كلاما مقفى باللهجات العامية لا غير ، والعامية هذه هي هجين من اللغات الهندية والفارسية والأوردو والسنسكريتية والإنجليزية إضافة للغة العربية ، ومن البديهي أن لغة الشعر الحقيقي هي العربية الفصحى فقط ووفق بحور الشعر العربية وقواعد علم العروض وبدونها لا يطلق على ما يقدم شعرا .
لا يخرج موضوع المسابقة المزعومة عن المواضيع العربية التقليدية . قد تكون " قصيدة " الشاعر العبقري مديحا ، والمديح في معظمه إختلاق للسجايا والخصال لصاحب الشأن والسلطان ، والتغني بمنجزات وأعمال أسمعت من به صمم ، سعيا للعطايا والهدايا . وقد يكون موضوعها وطني ، وعندها يعم الكذب ولا حرج عن بطولات وانتصارات دون كيشوتية مختلقة ، ويكفي أن تكون القدس زهرة المدائن محتلة ، وارض للعرب مغتصبة هنا وهناك ، من المحيط إلى الخليج ، فلا داع لبطولات أو عنتريات . وقد يكون موضوع القصيدة الغزل ، والغزل من ضروب تغني رجل بمحاسن إمرأة ، وفيه الكثير من المبالغات التي يمكن التغاضي عنها لأن عيون المحبين ترى بحبيباتهم ما لا تراه عيون الغير ، ومع ذلك يفترض أن تكون كلمات وقصائد بل وهمسات المحبين من شؤونهم الشخصية دون إشهار العواطف أمام الغير .
إن كان المقصود بالمسابقة دعم ورعاية اللغة العربية فيمكن طباعة كتب تدرس وتشرح العربية بأعداد هائلة لتوزع مجانا ليتعلم منها من يرغب التعلم . أو أن تخصص الجائزة لدعم البحث العلمي والتربوي . وإن كانت قيمة الجائزة أي المليون زائدة عن الحاجة فبالإمكان شراء أجهزة طبية للبلاد العربية الفقيرة كأجهزة غسيل الكلى ، أو شراء أغذية وأغطية للفقراء عوضا عن دفع المال لكاذب أفاق حتى وإن كان من العشاق .
أرى أن تسمى المسابقة " تاجر المليون " بدلا من " شاعر المليون " فهدفها الوحيد الربح من تجارة غير شرعية بما فيها من نفاق وكذب وعبث .
haniazizi@yahoo.com