البحث عن المعلومات يحتاج لدراية ومقوّمات وإدراك وإبداع وغربلة (تعشيب وتحطيب). ليس كل ما تقدمه محركات البحث مؤكّد وذو قيمة معلوماتية وعلمية . مثلاً ، عندما تطلب من محرك البحث "غوغل" تعريفاً لمصطلح ((الناقد السينمائي))، يقدم لك على الفور خمسة خيارات سريعة في محرك البحث، وهي: الناقد السينمائي محمد رُضا[لبنان]، الناقد السينمائي عمرو وهبة[مصر]، الناقد السينمائي(الراحل) بشار إبراهيم [فلسطين]، الناقد السينمائي (الراحل) مصطفى درويش [مصر]، الناقد السينمائي (الراحل) سمير فريد[مصر] ـ أعتقد أن هؤلاء نقاد سينما حقيقيون.. وليسوا من الصحفيين العاديين الذين يكتبون في السينما وأخبارها على شكل أخبار وانطباعات ومتابعات. لكن ، كان المطلوب من غوغل تعريفاً لمفهوم الناقد وليس طرح أبرز خمسة أسماء في عالم النقد السينمائي. ـ
وتكتشف من خلال هذه الأسماء أن الناقد السينمائي (عمرو وهبة) من أسماء الشباب الذين ظهرت مواهبهم بشكل كبير من خلال "السوشيال ميديا" في مصر ولمعت أسماءهم كما النار في الهشيم. فالناقد وهبة الذي درس الأدب في جامعة الأزهر ويمتاز بإطلالة واسعة على الفن السينمائي ويكتب السيناريو (سيناريست) .. راج برنامجه الذي يربط الفنانين بحب مصر من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وقد حظي برنامجه بعشرات الآلاف من المشاهدات.ـ
أما الناقد السينمائي المصري المعروف (مصطفى درويش) رحل عن الحياة في الثالث من أيار 2017 وهو من ألمع النقاد السينمائيين إلى جانب الناقد السينمائي الراحل (سمير فريد). وبينما يتربّع الناقد (محمد رضا )على عرش النقد السينمائي الهوليودي إلى يومنا هذا.. يرحل الناقد السينمائي الفلسطيني المجتهد (بشار إبراهيم) مبكراً في دبي قبل شهور قليلة.ـ
اقترح المخرج نصري حجاج أسماء أخرى تمتهن النقد السينمائي فكتب لي رسالة خاصة يقول فيها : ((هناك نقاد مهمون وعارفون بأصول المهنة ومحترفون بالنقد مثل: هوفيك حابشيان، ونديم جرجورة، وأمير العمري، واحمد بوغابة، وأمل الجمل, وابراهيم العريس, وسمير نصري، ووليد شمبط، وناجح حسن، وغيرهم في سوريا ومصر والجزائر وتونس والمغرب ولبنان، وبقية الدول العربية ))
وبالرغم من أنني لا أميل هنا، إلى الفصل بين (الناقد السينمائي) و(الصحفي السينمائي) الذي يكتب في السينما ، إذ أنه لا يحق لي أن ألقي برداء النقد على شخص وحجبه عن الآخر.. لأن القارئ العربي يعرف النقد الغث من النقد السمين، ويقيّم المقالات النقدية للأفلام ويقيم الأفلام أولاً. فالمشاهد الجيد يدرك المعاني البصرية ولغة الشاشة الأساسية (كوادر، لقطات، مشاهد، وحركة كاميرا، وزوايا تصوير). فالمتذوّق السينمائي يدرك هذه اللغة ويعرف عندما يقرأ مقالة نقدية أن هذه قراءة حقيقية ونقدية وذات مواصفات راقية، ويميّز بين الناقد المحترف والهاوي (غير الخبير). فبعض الصحفيين الذين يكتبون في الشأن السينمائي يجتهدون في الصياغات والنقد، ولكن بعضهم يتحوّل إلى الحذلقة الكتابية والمعرفية (غرافومانيا) مثلهم في ذلك كمن يدّعي الكتابة أو يدّعي المعرفة (مدّعو الكتابة و مدّعو المعرفة).
ينبغي أن نُميّز بين كاتب الأخبار والمتابع السينمائي وكاتب الانطباعات والناقد السينمائي المهني المحترف. ونذكر هنا ماذا نقصد بـ "الاحترافية في النقد السينمائي". الاحترافية تعني القدرة على التحليل والرغبة في مناقشة الأفلام والقدرة على الإفصاح عن الرضى أو عدمه على جوانب محددة في العمل السينمائي.
ومن ذلك نأتي على التعريف الدقيق للناقد السينمائي ومواصفاته. فهو الكاتب المحترف لعملية النقد السينمائي، الذي يمتلك العقل النقدي في الطرح والكتابة دون إفساد للفيلم ودون خلق حالة من الملل لدى القارئ.