من برا هالله .. هالله، ومن جوا بيعلم الله، هذا ما رسخته ثقافتنا العربية، افعل كل شيء، المهم أن لا تفعله علناً، هذه المفارقة بين كلامنا وسلوكنا، هي المطلوبة اجتماعيًا، وهي التي تجعلك مقبولًا أيضًا، فشاع الحديث الشريف الذي يقول: "إذا بُليتم فاستتِروا"، وتم التركيز على "استتروا" !! افعلوا ما تشاءون، المهم استتروا !! وإن أردت أن تكون أكثر قبولًا، فالبس رداء الدين.
وخاصة يوم الجمعة !! واحرص على أن تملأ صفحتك على مواقع التواصل الاجتماعي، بالآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، ولا بأس من بعض الحكم والأمثال التي تؤكد على الفضيلة، بهذا تكون قد استكملت صورتك، التي يراها الناس، فالصورة هي المهمة، وليس الفعل !! وإن سقطت عنك بعض الأقنعة نتيجة ظرف ما .. فسارع إلى ارتداء قناع أخلاقي آخر ..
فصورتك موضع التركيز، وليس حقيقتك، فالناس لا تحاكم فيك سوى القناع، فاحرص على أن تلبس لهم أقنعة ذات جذر مقدس لتخرس شكوكهم بك، وتجعلهم يقولون
" إن بعض الظن إثم " .
كونوا أنتم .. ودافعوا عن خياراتكم ... فهذه المسرحية أصبحت سخيفة .
ملاحظة
لم أسقط الحديث الشريف في الحديث السابق ، وهو ليس مثالًا أيضًا ، ولكن إنهم يستعملونه، ويجتزئون كل ما يفيدهم ، ومثل "ولا تقربوا الصلاة" ما زال حاضرا في الأذهان الحكاية كلها ليست دينية أو فقهية، ثمة ثقافة اجتماعية تتمدد على حساب الموروث الديني وغير الديني .