ترايسي شمعون سفيرة لبنان لدى الأردن شخصية متوازنة سياسياً واجتماعياً
د. عماد عزوقة
02-11-2017 05:58 PM
مرّت بضعة أشهر على تعيين السيدة ترايسي داني شمعون سفيرة لبنان لدى المملكة الأردنية الهاشمية في 20 تموز يوليو 2017، إلا أن هذا الأمر منذ طرحه في المجالس السياسية غيّر بعض المعادلات وحرّك الشارع الدبلوماسي على الكثير من الأصعد بين مؤيد ومعارض، بسبب السياسات المتّبعة في لبنان، ليس كونها رئيسة حزب الديمقراطيين الأحرار، بل كونها من خارج ملاك السلك الدبلوماسي، ويأتي تعيينها بتمنٍ من رئيس الجمهورية اللبنانية شخصياً العماد ميشال عون، وفاء لوالدها داني شمعون من جهة، ونظراً لكونها على علاقة متينة بالعائلة الملكية الأردنية. ووجد فيها خير ممثل للجهورية اللبنانية على مستوى العلاقات الدبلوماسية في المملكة.
فعلى الرغم من بعض الأصوات الإعتراضية في الداخل اللبناني والتي وصلت الى حد التعييب على وزير الخارجية جبران باسيل الذي وقّع على الموافقة ونفّذ تمني رئيس الجمهورية، إلا أن البعض رآى في هذا الأمر مسألة مقبولة في تمتين العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والأردن، لما يشهده تاريخ هذه العائلة مع الأسرة الملكية والرئيس شمعون ومن ثم علاقة مع والدها الشهيد داني شمعون، لتتابع هي مسيرة العلاقات الوطيدة.
ورأى البعض أن هذا التعيين ليس سوى حالة إنتقاضية وليست إنتقائية لواقع أراد تصويبه الرئيس عون، فهو الذي وعد بالتغيير ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب. ومن خلال هذا التعيين تمكنت ترايسي شمعون من أن تكون الشخصية الدبلوماسية المتمكّنة التي استطاعت أن تجسّد الصورة الإيجابية للعلاقات الأردنية اللبنانية ليس على الصعيد الدبلوماسي فقط بل على الصعيد الثقافي والإجتماعي والإقتصادي وحتى الإنساني. لما في حياتها من إنجازات ثقافية وإقتصادية وحتى سياسية.
شهد لها تخطيها مسألة الإرث السياسي بقدر ما عملت لتحافظ على المفهوم العام للحزب الذي أسسه جدها وكان والدها وقت استشهاده رئيساً لحزب الوطنيين الأحرار، وهي عملت على أن تبقي على الفهوم السياسي الوطني لشعائره وليس على المفهوم الطائفي المتعارف عليه في الساحة المسيحية والتي كانت من صفات الحزب خلال مرحلة الحرب اللبنانية، خصوصاً أن ترايسي كانت في تلك الفترة خارج لبنان وتعيش مع والدتها الأسترالية (باتي مورغان) بعد انفصالها عن والدها، إلا أنها كانت على تواصل مستمر مع لبنان ولم تغادره ضمنياً.
ولدت ترايسي شمعون عام 1962، وهي كاتبة وناشطة سياسية، أبقت نفسها في إطار وصورة كونها إبنة الزعيم السابق لحزب الوطنيين الأحرار داني شمعون وحفيدة الرئيس اللبناني السابق كميل شمعون.
بعد مقتل والدها وعائلته في اكتوبر من العام 1990، احتضنت ترايسي شقيقتها الناجية الوحيدة من مجزرة العائلة، وتعهدت بأن تحافظ على إرث وتراث والدها من خلال مؤسسة داني شمعون. كما تعهدت ترايسي بالاستمرار في تذكير الناس بالحقيقة وراء اغتيال والدها، والتي تتحدث عنهم في كتابها "دماء من السلام" نشر من قبل لاتيس في فرنسا وكتاب "ثمن السلم".
ويرى الكثيرون في ترايسي شمعون حالة سياسية ودبلوماسية جديدة كونها من المعتدلين في الساحة السياسية على الرغم من تقلبات الآراء حولها، فالمعروف عنها بأن ذات آراء معتدلة، وتفضل بناء ديمقراطية حديثة، جاءت ترجمة هذه الأفكار من خلال تقاربها مع الكثير من السياسيين اللبنانيين من مختلف الاتجاهات (8 و14 آذار).
أعتبرت وريثة داني شمعون على الرغم من رأيها العلني بأنها ضد ما أسمته النظام السياسي الاقطاعي الذي يبرزالولاءات القبلية بشكل أكبر من الاتجاهات الأيديولوجية في السياسة. وهي من منتقدي عمها دوري شمعون رئيس حزب الوطنيين الأحرار، بسبب تحالفه مع سمير جعجع المدان بقتل أسرتها. ومع هذا لدى ترايسي معادلة متوازنة فهي تدافع عن عمها من جهة أخرى وترفض بالإنخراط في نقاشات مع الجهات المنتقدة والمعارضة له.
وكل ما سبق ذكره من توازن في التعامل السياسي والدبلوماسي رأه رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون توازناً في التعاطي مع السياسيات الخارجية، وقد يكون هذا ما هو بأمس الحاجة إليه في السلك الدبلوماسي، فجاء تعيينها سفيرة للبنان في 20 تموز 2017 لدى المملكة الأردنية الهاشمية.
ولا يخفى على أحد ترحيب ترايسي شمعون في البداية بما طرح وخرجت للعلن في قبولها واستعدادها التام لتكون خير ممثل لبلدها، حين علّقت قائلة صفحتها عبر "الفايسبوك": "اود ان اشكركم جميعاً على كلماتكم الجميلة ودعمكم وحبكم لي. انا ممتنة كثيراً لجدي الرئيس كميل شمعون الذي لولاه لم تكن هذه الفرصة متاحة، ولابي الذي ترك لي صداقته مع جلالة الملك حسين ارثاً افتخر به و للرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل لتكريمهم ذكرى والدي الشهيد من خلال تعييني سفيرة لبنان في المملكة الأردنية الهاشمية. كما انني ممتنة أيضا لعلاقة الصداقة العائلية التي تربطني بالملك الاردني المميز الملك عبدالله الثاني. أعاهدكم بان اخدم بلدي لبنان بكل صدق و إخلاص". وبعد هذه الكلمات التي عاهدت بها السفيرة ترايسي شمعون ابناء بلدها، لا بد من الترحيب بشخصية مليئة بالوفاء في بلدها الثاني المملكة الأردنية الهاشمية، فهي التي عبرت وتعبر عن عمق علاقتها وحبها للمملكة أثبتت انها جزء ليس من الدبلوماسية فحسب، بل من وطن ثان تطأه حبا واحتراما.. اهلا بخير ممثلة لوطنها في وطنها الثاني... الأردن.