لم تتردّد رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بالإعراب عن افتخارها بوعد بلفور وبدور بريطانيا في إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين وعلى حساب طرد الشعب الفلسطيني من أرضه ومصادرة أراضيه والاستيلاء على بيوت الفلسطينيين. ويأتي هذا التصريح العنصري الحاقد المؤيد للصهيونية والمبارك للإجراءات الإسرائيلية في فلسطين بمناسبة مرور مائة عام على الوعد المشؤوم والبغيض الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور في الثاني من تشرين الثاني سنة 1917 القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
إنّ مجاهرة تيريزا ماي بافتخارها بما اقترفته بريطانيا من خلال هذا الوعد، يعني تأييدها للمبدأ الذي انطوى عليه الوعد، وهو جواز أن يقوم من لا يملك بأن يتنازل عمّا لا يملك لمن لا يستحقّ.
واستناداً إلى هذا المبدأ (اللا أخلاقي قطعاً) ما الذي يمكن أن تقوله تيريزا ماي لو أنّ مسؤولاً منّا –نحن العرب- أيّ مسؤول قام بإصدار وعدٍ خاص لأقليّة الروهينغيا المضطّهدة –مثلاً- يقضي بإقامة وطن قومي للروهينغيا في أحد الأقاليم البريطانية، ويترتب على ذلك طرد البريطانيين من وطنهم ومصادرة أراضيهم والاستيلاء على بيوتهم، إلى غير ذلك من الممارسات التي يقوم بها الإسرائيليون في فلسطين؟! هل ستتذرّع رئيسة وزراء بريطانيا بأنّ الشعب اليهودي تعرّض للاضطهاد في أوروبا، فإن كانت هذه حجتها فإنّ شعوباً كثيرة في هذه الأيّام تتعرّض لأبشع أنواع الاضطهاد والإبادة والتهجير، فهل يجوز لأحدٍ أن يوطّن أيّاً من هذه الشعوب المضطهدة في وطن لا يملكه ويمنحهم الحقّ في الاستيلاء على ذلك الوطن وتشتيت أهله بل ومحاولة إبادتهم كما يفعل الإسرائيليون مع الشعب الفلسطيني؟!
إنّ جريمة بريطانيا في منح اليهود حقّ إقامة وطن قوميّ لهم في فلسطين هي جريمة تاريخية لا أخلاقية، كما أنّ موقف تيريزا ماي –رئيسة وزراء بريطانيا- من هذه الجريمة بعد مرور مائة عام على اقترافها، هو أيضاً موقف غير أخلاقي، وإنّ من حقّ الفلسطينيين أن يطالبوا بأن تقدّم بريطانيا اعتذاراً علنيّاً للشعب الفلسطيني وللعالم عن هذه الجرائم اللا أخلاقية، كما أنّ من حقّهم أن يطالبوا باعتبار بريطانيا دولة مارقة ويجب محاكمتها دوليّاً على تلك الجرائم وتحميلها المسؤولية الكاملة عن كل ما تعرض له الشعب الفلسطيني وعن الأضرار التي لحقت به وبأرضه.
salahjarrar@hotmail.com
الراي