المملكة الأردنية الهاشمية الرابعة
د. عاكف الزعبي
01-11-2017 09:11 PM
في اربع خطوات وفي غضون اربع سنوات تمكن الملك عبدالله المؤسس ابن الحسين رحمه الله من تأسيس المملكة الاولى (1921-1953 ). الخطوة الاولى عندما افلح بدفع تشرشل في آذار 1921 ان يعرض عليه امارة في شرق الاردن مشمولة بالانتداب على فلسطين وقبوله للعرض الذي نشأت عنه اول حكومة في شرق الاردن في نيسان 1921.
الخطوة الثانية كانت في 1922 عندما طلبت بريطانيا من (عصبة الامم) استبعاد اراضي شرق الاردن من بنود الانتداب على فلسطين التي تقضي بانفاذ وعد بلفور لاقامة وطن قومي لليهود، وموافقة عصبة الامم على ذلك على الرغم من المعارضة الشديدة للاوساط الصهيونية.
الخطوة الثالثة في آيار 1923 عندما منحت بريطانيا الاستقلال لشرق الاردن واعترفت بالملك عبدالله حاكماً على الدولة الوليدة. تبعتها الخطوة الرابعة باضافة معان والعقبة الى الامارة عام 1924. وقد جاء الاستقلال عام 1946 ليتوج جهود الملك التأسيسية.
المملكتان الثانية والثالثة اسسهما الحسين رحمه الله، المملكة الثانية (1954-1969) اسسها عندما تغلب على استهدافات وجودية للمملكة في الفترة ما بين 1954-1959، شملت حركات محلية غذى بعضها شعبويون ارتبطوا بجهات خارجية، ومؤمرات انقلابية عسكرية مصرية وسورية المنشأ، وانقلاباً على الملكية في العراق اعقبه حصار متمم له قادته دول شقيقة ثلاث، وتحفز اسرائيلي لاسقاط النظام والسيطرة على الضفة الغربية (الشرقية لفلسطين) حال دونه الحسين مستفيداً من موقف بريطانيا التي كانت ماضية في الخروج من المنطقة، والولايات المتحدة التي كانت تستكمل الدخول اليها.
والمملكة الثالثة اسسها الحسين في العامين 1970/1971 عندما خاض نضالاً عنيفاً في مواجهة منظمات مسلحة عملت في الاردن بدعم من انظمة عربية، ومنظمات فدائية متعددة الانتماءات سعت مع سابقاتها لاسقاط النظام وشطب الدولة. ثم ذهب في تعزيز هذا التأسيس في خطوتين لاحقتين: عندما اعاد البناء عام 1989 حيث تم الغاء التشريعات المقيدة للحريات السياسية وحرية الرأي والسماح بقيام الاحزاب وإعادة الانتخابات النيابية، وعندما وقع اتفاقية السلام مع اسرائيل في العام 1994 لتلافي ان يتم الاستفراد بالاردن بعد ان وقعت مصر اتفاقيتها ولحقت بها منظمة التحرير ثم سوريا التي وقعت على مسودة الاتفاقية المعروفة بوديعة رابين.
الاردنيون والمراقبون المنصفون ينتظرون إنطلاق تأسيس المملكة الرابعة على يدي جلالة الملك عبدالله الثاني. فبعد ان حمى الاردن من نيران تداعيات اختطاف الربيع العربي، ومهد للتأسيس بحضور ملكي واردني لافت على الساحة الدولية، تنتظر الجبهة الداخلية البدء باطلاق عملية التأسيس بعد ان لم يعد هناك متسع من الوقت امام الانسداد الوطني على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. خاصة وان الجهد المطلوب ينطوي على اصلاح كبير في بعض الجوانب، واعادة بناء في جوانب اخرى لم يعد الاصلاح فيها كافياً. فأدارة الدولة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي تحتاج لجراحة عميقة ترتقي بها الى مستوى تأسيس المملكة الرابعة.
ولعل افضل خطة لانجاز ذلك تتمثل في الاوراق النقاشية التي طرحها جلالة الملك . والامل ان لا يتأخر انطلاق التأسيس بعد ان احتشدت كل الاسباب والظروف الموجبة لانجازه.