أعرف أن الشرق يحاصرك بعينيه منذ بزوغ الفجر، يراقبك، يبحث عنك إذا ما تأخرت عن ميعاد أصيل الشمس.
أعلم أن الشرق يعذبك بعاداته وتقاليده، يرهقك بأعرافه، يقسو عليك بلواذع كلماته.
أدري أن الشرق يخدعك بأشعاره الرنانة؛ فالشعراء ما ابتدعوا تلك القصائد لأنهم شعراء حقا، أو لأجل حرية تفتقدينها؛ إنما لأنهم تجار يتاجرون بالكلمات المنمقة.
أعرف أن الشرق يزعجك بموسيقاه الناعبة التي ضجر قلبك من سماعها بنفس اللحن، بنفس الوزن؛ فالشرقيون كعادتهم لا يجددون ولا يجدون إنما يسرقون، يقلدون ليتاجروا فيما بعد وما كانت تجارتهم رابحة!
أعلم أنك لا تقرئين أمثال الشرق وحكمه، وحسنا تفعلين، لأن الشرق يبحث عن نفسه لا بل يجهل نفسه حتى فأي حكمة له أو مثل؟!
أدري أن الشرق قد صم أذنيه حين قال ابن مريم للذين أحضروا له امرأة ادعوا أنها أخذت بالزنى المشهود: "من منكم بلا إثم ، فليكن أول من يرميها بحجر!".
أعرف كل ذلك، ولكن هذا القطار باتجاه آخر!
يا امرأة أضنتك أنوثتك الساحرة، أطلقي صرختك، صرحي للشرق بأشعارك وأعلني له قصائدك، فهذا القطار ما عاد يتسع لأحد بعد!
يا امرأة هاربة من سوط الشرق توقفي، لملمي شجاعتك وعودي إليه، قولي له بكل ما تملكين من جرأة وإقدام بأنك تعشقين، تحبين؛ فهذا القطار ليس باتجاه الغرب!