العاصمة الجديدة هلوسة أم مصيدة
عدنان الروسان
30-10-2017 04:52 PM
كنت جالسا أشاهد برنامجا عن السيارات الفاخرة و قد أعجبتني سيارة مرسيدس سي كلاس بمحرك كبير و منظر خلاب، وقلت و أفراد عائلتي يجلسون حولي أنني أفكر بشراء هذه السيارة لكنني محتار بينها و بين الرانج روفر الجديدة، وترك كل أفراد العائلة ما يشغلهم من هواتف خلوية و فيس بوك و بدؤوا يتبادلون النظرات فيما بينهم و أحسست بأنني متهم بشيء ما ، قلت لهم ما بكم ، قالت زوجتي تشتري سيارة بمائة و خمسين ألف دينار قبل أن تسدد ديونك و تشتريلنا غسالة جديدة ، قلت و ما ذا في ذلك ، هاي الحكومة مديونة بسبعة و ثلاثون مليار دولار و مش قادرة تدفع حق الخبز لفقراء الشعب و بدها تعمل عاصمة جديدة و طبعا عاصمة يعني رايحة تكلف مليارات الدنانير .
عاصمة جديدة، عمان آباد، أو نيو عمان أو نيو برازيليا الجديدة ستقام على أراض مملوكة لخزينة الدولة ت يعني الدولة رايحة تقسم الوطاة و تفرزها و تدق الحديد و تبيع قطع للمواطنين الذين سيهرعون لشراء قطع أراض في العاصمة الجديدة التي لا يعرف مكانها إلا خمسة أشخاص فقط ، و هؤلاء الخمسة هم المبشرون بالجنة و الثراء لأنهم سيشترون مئات الدونمات بالقرب من موقع العاصمة الجديدة بتراب المصاري و بتغلى الأرض و ببيعوها بمئات الملايين مثل ما صار بجامعة العلوم التطبيقية ، و مثل ما صار بشارع البتراء و مثل ما صار بالمطار و مشاريع أخرى كثيرة.
العاصمة الجديدة ...
إما أن لا عاصمة جديدة في الأفق و هو ليس إلا خطة جهنمية من أعمق أعماق محفل التفكير الجهنمي للحصول على أخر ما تبقى من أموال و صناديق توفير للمواطنين الأردنيين و المغتربين المساكين ، و إما أن العاصمة ستكون مشروعا فاشلا يزيد من أعباء الحكومة و يرفع من أرقام المديونية لتصبح مديونية بأرقام فلكية أكثر مما هي عليه اليوم.
دولة تعاني الأمرين من الفقر و العوز و الحاجة لا تفكر في بناء عاصمة جديدة ، تفكر في استحداث أدوات إنتاج تعين على توظيف الأردنيين العاطلين عن العمل، و تعين على زيادة الصادرات و تقليل الواردات ، و زيادة الناتج المحلي الإجمالي ، و تحسين فرص العمل و رفع كفاءة القطاع العام المترهل ، دولة فقيرة بدل أن تضيع الوقت في البهرجة و التفاخر و التباهي عليها مسئولية أن تخرج من الأزمة المالية و الاقتصادية التي تعاني منها ، و عليها أن تفكر في تضييق الخناق على الفساد المالي و الفاسدين، و أن تحرص كل الحرص على وضع استراتيجيات قصيرة المدى ليشعر المواطن أن الدولة تفعل شيئا.
التصريحات الحكومية حول من يكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي منتقدين و ضرورة أن يصمت الجميع و يرضوا بما تفعله الحكومة لأن كل ما تفعله الحكومة صحيح ، غير صحيح ، فالحكومة ليست إلها و لا نبيا معصوما عن الخطأ و كل حكومات العالم تخطيء و تصيب فهل يعقل أن تصرح الحكومة أنها لا تفعل إلا الصحيح ، نحن بحاجة إلى أن ننظر إلى داخلنا مرة واحدة ، إلى وضعنا ، و ليس إلى ما تريده الدول الأخرى منا ، لم يعد يهم المواطن الأردني أن يصفق العالم للدور الأردني ، بالغنى عن ذلك التصفيق ، لا نحتاج تصفيقا بل خبزا و كرامة.
لقد تنبهت دول الإقليم كلها لنفسها إلا نحن فما نزال نجتر شعارات لا تطعم خبزا و لا تسقي ماء ، و ما زلنا نراهن على الدور الأردني و البعد المحوري و أشياء أخرى تقال لا نفهم منها شيئا يا أخي لنترك هذا الدور المحوري و الموقف القومي لغيرنا ن تعبنا و زهقنا من الأدوار ، صرنا ممثلين من كثرة ما أدينا من أدوار ، آن الأوان كي تنتبه الحكومة للشعب في غير موضوع زيادة الضرائب ، أي أقسم بالله العظيم أن الشعب الأردني من الملائكة لأنه لا يتحمل هكذا حكومات إلا ملائكة ، كل يوم زيادة ضرائب ، و كل يوم رفع لأسعار الخبز و المواد الأساسية و كل يوم و رفع الدعم عن شيء و كل يوم في موال ، و لا في يوم واحد منذ نشأة المملكة و حتى اليوم فاجأت الحكومة المواطنين لتقول لهم أن هناك تخفيضا للأسعار أو رفعا للرواتب و حينما تأتي مكرمة حكومية برفع بعض الرواتب تأتي بزيادات مخزية عشر ليرات و لا عشرين ليرة يعني عيب
عيب و الله عيب ما يحصل في بلدنا ، لقد تقطعت السبل بالناس ، و ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت ، و لم يبق أمامهم إلا ما لا يرضيكم إن حدث و الناس تتحاشى التفكير فيه لأن الأردنيين ودودون و أهل شهامة و كرامة و لكن للصبر حدود ، و إذا فلتت ترى ما في حدا بقدر يقطبها هالمرة ، انتبهوا و نحن لكم من الناصحين .