10 سنوات من البناء والعطاء
عاصم العابد
07-02-2009 04:07 AM
تحلّ علينا اليوم مناسبتان مهمتان مفصليتان في تاريخ الاردن الحديث، هما مرور عشر سنوات على رحيل المغفور له الملك الحسين بن طلال تغمّده الله بواسع رضوانه وجنانه، ومرور عشر سنوات على تولي ملكنا الغالي عبد الله الثاني ابن الحسين عرش مملكتنا الاردنية الهاشمية.
في المناسبة الأولى، نستذكر فقيدنا الجليل، بكل مهابة وجلال، فهو الملك الانسان، الذي نشأنا معه وكبرنا معه، تعبنا معه واسترحنا معه، فرحنا معه وحزنّا يوم حلّت ارادة الله كما لم نحزن من قبل، وكما لم يحزن احد مثلنا من قبل، فهو- يرحمه الله ويحسن اليه - الذي أفنى شبابه وكرّس عمره وسخّر طاقاته من اجل تقدمنا ونهوضنا، من أجل خبزنا وزيتنا، من أجل كفايتنا وأمننا، وبنى وطنا حرا كريما، واصبح ابناء الوطن في طليعة أطباء ومعلمي ومهندسي ومصرفيي العالم العربي والاقليم برمته.
دخل بلدنا الألفية الثالثة الجديدة بقيادة ملك هاشمي شاب، صاحب همة وطموح ورؤية، نشأ في كنف المرحوم الملك الانسان، الذي يمتليء قلبه عطفا ورفقا وحنانا وانسانية، فشبّ وقلبه يفيض بحب الناس واحترام كراماتهم، فقد نشأ ملكنا الحبيب في ثكنات الجنود وخنادق الوطن، وعاين عن كثب كامل وتفرس شديد أوضاعهم وأحوالهم، واستمع من اخوانه الجنود والضباط من أبناء الشمال والجنوب والوسط والأغوار والبادية والمخيم، في ليالي الشتاء القارصة، الى حكايا الاردنيين وظروفهم، الى امالهم واحلامهم، الى هواجسهم وقلقهم، الى تطلعاتهم في الوحدة والتحرير والغد الافضل والعيش الكريم، فحدب ملكنا الغالي على فقراء الاردن ومنحهم عنايته واهتمامه ومحبته التي هي اكثر محبة قبولا عند الله وأقربها اليه، فالفقراء هم عيال الله.
دخلنا الحقبة البشرية الجديدة، وعين الملك الحبيب على فقراء الوطن، يسعى بكل جهده من أجل سكن كريم لهم، ومن أجل تنمية تنعكس على الاردنيين أجمعين، ويحس بها كل مواطن لا تنمية ترتفع اعمدتها في الرسومات البيانية والتقارير السنوية والقيود الدفترية فحسب، لقد توغّل رعاه الله وأمعن في أدق التفاصيل، من أجل أجور منصفة، ومن أجل طلبة أصحاء، ومن أجل عناية صحية شاملة، ومن أجل شباب يشاركون ولا يظلون على الهامش، ومن أجل تمكين النساء، وتوفير التشريعات التي تحقق لهن فرصا وعدالة وحقوقا وكرامة، تجدر بهن وتليق بمسؤولياتهن.
ودخلنا الحقبة العشريةو الجديدة والعالم كله وليس الاقليم فحسب يمور بالأحداث الجسام، ويتعرض لزلازل مدمرة، فها هو الارهاب الأسود يضرب الأبرياء ويستهدفهم في كل مكان، يستهدف الانسان وحياته التي حرّم ربّ العزّة استهدافها، يضرب خبط عشواء، في ديار الغرب كما يضرب خبط عشواء في ديار الاسلام .
وعلاوة على آفة الارهاب البشع ولوثته الرعناء ، رزح الاقليم برمته وما يزال يرزح تحت أنواء وأعاصير هوجاء مدمرة، لم تلق نداءآت ملكنا العاقلة آذانا صاغية لتفاديها، فتم شن الحرب المدمرة على العراق، تلك الحرب التي زادت من سعار الارهاب وسعير الدمار والبؤس، وألقت بظلالها السوداء على المنطقة برمتها، كما لحق الدمار بأفغانستان ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة والصومال.
وسط كل هدا الخراب والاضطراب، تسلم جلالة الملك الشاب سلطاته الدستورية، ويشهد القاصي والداني على القدرة والمهارة والشجاعة والابداع التي تمتع بها ملكنا الطموح، فتمكن حفظه الله من الامساك بدفة القيادة والمضي بالاردن آمنا، في ظروف تستدعي اعلى درجات الدقة والفطنة والاستشراف والتنبؤ، نعم .. استطاع يرعاه الله ان يحافظ على رباطة جأشه وتوازنه ورشده وحصافته، في ظروف قاهرة واقليم ينطوي على قدر هائل من الطيش والخفة والحمق والجنون.
وزاد الطين بلّة، والامور سوءا وخرابا، وقوع الازمة الاقتصادية المالية العالمية. كذلك.. اقدام جيش الاحتلال الاسرائيلي، على عدوانه الوحشي الاجرامي، على اهلنا في غزة الباسلة، فألحق بها هذا العدوان دمارا لا يوصف، طال البشر والشجر والحجر، وساق المنطقة مجددا الى مربع الحرب، عاصفا مجددا ومكررا بكل الجهود الهائلة التي بذلت من اجل السلام والبناء والحياة الآمنة لشعوب المنطقة .
في هذه الظروف الكونية والاقليمية العصيبة ، تتجلى قدرات قائدنا الهمام، المفطورعلى القيادة ومواجهة الاحداث الجسام، فهنا يشعّ معدنه ويسطع في قلب التحدي والمواجهة، وفي لجّة الازمات واتونها .
وبكل ايمان ، ومن قلوب صادقة ، نضرع الى الله في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا ، ان يعين الملك الحبيب وان ييسر له البطانة الصالحة ، والرجال والنساء ، الذين يشكلون له عونا وسندا ، مبتغين مرضاة الله والحفاظ على وطننا آمنا مزدهرا حرا كريما .
ونترحّم على ابي عبد الله ما وسعنا الترحم ، ونسلّم عليه، ونقرأ الفاتحة على ثرى قبره الطهور .
الراي.