ظلمنا مجلس النواب بتجاهلنا إبداع الزوايده وتمسكنا ب( طوشة ) الروابده ومنصور
06-02-2009 11:49 PM
نعلم حق اليقين ان عامل الإثارة يلعب دورا حاسما في تغطيتنا نحن معشر الصحفيين لمختلف القضايا انطلاقا من سعينا لإشباع رغبات المتلقي في معرفة التفاصيل والخفايا الكامنة خلف الإحداث التي نقوم بتغطيتها ونختار وانسجاما مع ذلك أكثر العبارات تأثيرا كعناوين لموادنا الإخبارية.
ولكنا وبالصدق كله أصبنا بصدمة عميقة ونحن نتابع التغطية الإعلامية للجلسة الاخيرة لمجلس النواب في دورته العادية الثانية والتي كانت وقبل (طوشة الروابده/ منصور) وبكل المقاييس جلسة غير مسبوقة منذ حل المجلس النيابي الحادي عشر في عام 1993 .
ان أحدا منا لن يستطيع تبرير التجاهل الذي أبدته الصحافة الأردنية وغيرها من وسائل الأعلام باستثناء وكالة عمون الإخبارية للإبداع الخلاق الذي حكم أداء النائب عواد الزوايده خلال البحث في استجوابه لوزير المالية والذي هو واحد من أربعة استجوابات شملت وزراء الطاقة والبيئة والصناعة والتجارة حول شركة الفوسفات وعملها المخالف للدستور والقانون.
فالصحافة الأردنية والمواقع الالكترونية وبعض الفضائيات وبكل أسف ألحقت الظلم بمجلس النواب عندما ركزت على المشاجرة التي أعقبت المداخلة التي قدمها النائب عبدالرؤوف الروابده حول البيان الصادر عن جبهة حماية الوطن ومقاومة التطبيع ورد النائب حمزة منصور عليه وعلى اعتبارها حدثا غير مسبوق رغم أننا نعلم بان المشاجرات واستخدام أكواب المياه و(المكتات) شكلت سمة للتحاور بين النواب منذ المجلس النيابي الثاني عشر الذي افرزه قانون الصوت الواحد.
ونقول ان وسائل الإعلام ألحقت الظلم بالمجلس ذلك أنها لم تتناول حالة التميز والإبداع التي حكمت تعاطيه مع القضية المفصلية التي أثارها بريادية غير مسبوقة النائب الزوايده بما تستحق من التغطية والاهتمام من جهة والتحليل والبحث عن الآثار والنتائج من جهة أخرى.
فوسائل الإعلام ولو طبقت مبدأ الإثارة الايجابية في التغطية الإعلامية لتمسكت بحالة الحرج التي عاشتها الحكومة خلال فترة مناقشة الاستجواب بعدما تأكد بان عمل شركة الفوسفات مخالف للدستور والقانون وان إجابة ومن ثم ورد وزير المالية على استجواب الزوايده لم يكن مقنعا للنائب والمجلس في آن.
ولأقدمت على تناول القضية انطلاقا من أنها سابقة نيابية غير معهودة في نطاق الانتصار لحقوق الدولة والأردنيين التي تم الاعتداء عليها من خلال منح الشركة امتياز لاستغلال خام الفوسفات عبر اتفاقية مخالفة للمادة (117) من الدستور والتي وجد رئيس الوزراء وتفاديا لمزيد من الحرج انه لا بد من إعلان بطلانها وتحويلها الى رسالة تطمينات لا ترتقي لمستوى الاتفاقية على حد قوله.
ان قواعد الإثارة الايجابية التي كان ممكنا لوسائل الأعلام ان تحقق مكاسبا هائلة من نشر تفاصيلها تنطبق على حالة الإرباك والحيرة والرعب من الاستمرار في الاستجواب والتي ظهرت على وجوه الوزراء المستجوبين ومعهم وزراء آخرين بالإضافة الى حالة الغضب غير الاعتيادية التي بانت واضحة جلية على وجه رئيس الوزراء بعد ان تبين له ضعف وافتقار أعضاء فريقه الوزاري للمعرفة بالدستور والقانون.
نحن لا ندعي بأننا نتميز على الأحبة الزملاء الذين قاموا بتغطية الجلسة والذين قاموا بتحرير موادهم الإخبارية حولها واختاروا لها (المانشيتات ) لكننا نختلف معهم حول أيهما الأكثر استحقاقا وطنيا للتغطية الإخبارية المميزة مشاجرة تقليدية حدث مثلها مرات عدة او استجواب أنتج اثارا مباشرة كان أهمها فتح باب الاستثمار بخام الفوسفات الأردنيين وإنهاء حالة الاحتكار.
ان الاستجواب بوجهة نظرنا كان اكثر استحقاقا للتغطية الموسعة ذلك انه كشف عن القضايا خطيرة جدا من أهمها:
أولا: مخالفة الحكومة الحالية وحكومات سابقة للدستور والقانون
ثانيا: ان الأرباح التي أعلنتها شركة الفوسفات ورغم ارتفاع أسعار الخام على الصعيد العالمي لمستويات غير مسبوقة خلال الفترة الممتدة بين بداية شهر حزيران 2007 والى نهاية شهر أيلول عام 2008 لم تكن أرباحا حقيقية ناتجة عن حالة تطوير إداري وفني في عمل الشركة بسبب الخصخصة وإنما كانت نتاج لتخفيض الحكومة لرسوم التعدين من سبعة دنانير عن كل طن متري كانت تستوفيها وزارة المالية من الشركة التي تمتلك الدولة اغلب أسهمها الى دينار واحد فقط بعدما تخلت الدولة عن ملكيتها.
ثالثا:ان الوزراء الذين تم استجوابهم لم يستطيعوا ان يميزوا من حيث الأهمية بين اليورانيوم الذي يبلغ ثمن الكيلو غرام الواحد منه وفي أدنى مستويات جودته حوالي 14 الف دينار والفوسفات الذي وصلت اعلى درجات سعره عندما بيع كخام فوسفات الى 70 دينار للطن فاعتبروا اليورانيوم من الشوائب العالقة بالفوسفات.
وبالإضافة الى اتخاذ المجلس لقرار يقضي بتأجيل البحث في مطلب النائب الزوايده الذي اختتم به مرافعته القانونية المحكمة والمتمثل بحجب الثقة عن وزير المالية بالإضافة الى استجواباته الأخرى يشكل أيضا قرارا غير مسبوق في تأريخ الحياة النيابية.
ان الذي يبعث على الأسف هو إننا تركنا قضية وطنية مفصلية وركضنا خلف قضية هامشية وفق قاعدتنا المعروفة (بدنا عرس نرقص فيه ) من دون ان نلتفت بان العرس الحقيقي وبالغ التأثير كان يكمن في استجواب الزوايده وتعاطي المجلس الايجابي معه.
بقي ان نقول بان الزملاء في عمون قد أبدعوا وان رفعوا الخبر بصورة أسرع مما توقعنا عن الصفحة الرئيسية .