القاعدة الاساسية التي تحكم مداولات النواب تحت القبة هي ان من حق النائب ان يقول ما يشاء.. ما دام هو المسؤول امام الرأي العام عن جودة وسلامة ما يقوله تحت القبة. اذن من حق النائب الروابدة ان يقول ما يشاء وان يلقي على مسامع سامعيه ما يشاء، وهو وحده مسؤول عما يقوله. وكذلك من حق الشيخ منصور ان يرد بما يشاء وهو ايضا مسؤول عما يقوله بذات الطريقة.. ويظل السؤال الاكثر الحاحا يتردد انتظارا لاجابة شافية عليه، وهو: لماذا انفلت الموقف وتحول من حوار برلماني ضمن الاطر البرلمانية المتعارف اليها الى حوار اتسم بالعنف وبالخروج عن عناصر المعادلة الحاكمة لحوارات المجلس؟
ولماذا يتدخل نواب لا علاقة لهم بالحوار .. يمارسون صب الزيت على نار مشتعله من اجل زيادة اشتعالها؟ ولماذا تتطاير قوارير المياه عبر فضاء المجلس؟ ولماذا يتحول احد اهم رموز الديمقراطية الوطنية الى ساحة صراع عبثي لا يليق بالمكان ولا يعبر عن مستوى اللحظة؟ وهنا اود ان اسأل هذا السؤال البرئ: اذا كان الحوار يتطور الى شجارات غير مسؤولة في عقر دار الديمقراطية فكيف لنا ان نلقي باللوم عل طلبة المدارس والجامعات عندما يحدث
احيانا ان الحوار فيما بينهم يتحول الى شجار ؟ ولماذا..؟ ولماذا..؟ ولماذا..؟
واضح اننا لا زلنا اطفالا في ممارسة الديمقراطية.. وواضح اننا لم ننضج بما يكفي لادراك حقيقة ان الفكرة العظيمة تتحطم الى اشلاء عندما يفقد صاحبها القدرة على التماسك امام استفزاز الرأي الاخر.. وواضح اننا لم نتجاوز بعد سن المراهقة السياسية في سلوكنا الفردي اليومي.. وان عقلية القبيلة لا زالت تتعايش مع ميلنا المرائي الى اظهار اننا متحضرون.. واننا كيسون.. واننا كبار.
ان الوطن يكبر عندما تعدد الاراء فيه، ويزدادا عظمة عندما تختلف الرؤى وتدخل في حوا هادف للوصول الى رأي مشترك.. الا ان الوطن يدفع ثمنا باهضا من هيبته عندما يتدنى مستوى الحوار بحيث يصبح غوغائيا.. عنيفا.. نزقا.. وغير موضوعي.