«دولة ثنائية القومية» مقابل «الخيار الأردني»!
رجا طلب
30-10-2017 12:23 AM
يواصل اليمين الإسرائيلي المتطرف منذ أربعين عاما سياسته الرامية إلى قضم الأرض الفلسطينية من خلال تكثيف الاستيطان ومنع الوحدة الترابية والجغرافية بين الأراضي الفلسطينية وممارسة سياسة الإبعاد والتهجير ( الترانسفير ) وذلك لتحقيق هدفين استراتيجيين في ذلك الوقت واقصد هنا منذ عام 1977 عندما نجح حزب الليكود بزعامة مناحيم بيغن في الوصول للسلطة لأول مرة في تاريخ دولة إسرائيل والهدفان هما:
الأول: جعل حل القضية الفلسطينية مفتوحا على « الخيار الأردني « والمتمثل بمبدأ أن « الأردن هو فلسطين « وان الدولة الفلسطينية قائمة فعليا في الأردن.
الهدف الثاني: هو الإجهاز على أي مشروع لقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 242 الذي أنتجه الجهد الاستثنائي للراحل الكبير الحسين بن طلال والذي ناضل طوال حياته من اجل أن يكون قاعدة لحل القضية الفلسطينية وكان يدرك رحمه الله حجم المأزق الذي ستقع به إسرائيل في حال موافقة العرب على القرار ، ولكن العرب ونتيجة للصراعات السياسية بين الأنظمة لم يعترفوا بالقرار إلا بعد 35 عاما وتحديدا في قمة بيروت عام 2002 وبعد إقرار المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل والقائمة على مبدأ ( الأرض مقابل السلام ) والتي سرعان ما أجهضها ارييل شارون بعد إعادة احتلاله الضفة الغربية وقطاع غزة في عملية ( السور الواقي ).
نجح اليمين الإسرائيلي وعبر هذه السنوات الطويلة من تحقيق هدفه الأول ألا وهو منع إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات وحدة جغرافية وترابية بسبب السياسة الاستيطانية المدروسة بدقة والتي حولت الضفة الغربية إلى ما يشبه « قطعة الجبنة السويسرية « التي تقسمها فراغات تجعلها قطعا وليس قطعة واحدة ، بالإضافة للكارثة الأخرى التي صنعها الفلسطينيون بأنفسهم وهي فصل الضفة عن غزة بسبب أحداث صيف عام 2007.
يمثل نتنياهو النموذج الأخطر من الليكوديين ، فقد استشعر مبكرا مخاطر نجاح تطبيق اتفاق أوسلو بين حزب العمل ممثلا بإسحاق رابين وشمعون بيريز والراحل ياسر عرفات وبدا بالتخطيط لكيفية اغتيال الاتفاق الذي كان تطبيقه سيقود لدولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة ، واليوم نستطيع القول أن نتنياهو نجح في « إنهاء « اتفاق أوسلو ، وفي ذات الوقت حقق حلم مناحيم بيغن واسحاق شامير في القضاء المبرم على إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة وإنهاء مبدأ « حل الدولتين « ، وكل هذا العمل المخطط كان بهدف الوصول إلى نتيجة مفادها أن لا حل في الأفق إلا ( الخيار الأردني ).
بحث الإسرائيليون في مؤتمرات عديدة ومن ابرزها هرتسيليا وخلال سنوات متعاقبة خيارات الحل النهائي للقضية الفلسطينية وكان واحدا من الخيارات المرعبة التى يناقشها المسؤولون الإسرائيليون هو خيار الدولة ثنائية القومية بعد انتفاء إمكانية « حل الدولتين « ، ومؤتمر « مضر زهران « والذي رفع شعار ( الأردن هو فلسطين ) لم يكن إلا نوعا من الدعاية البائسة التي يريد من خلالها اليمين الإسرائيلي المتطرف رفع معنويات جمهوره بالقول ما زال لدينا حل وهو: الأردن هو الحل.
اكتشف اليمين الإسرائيلي المتطرف وبعد 40 عاما انه وقع في شر أعماله وبعد أن شطب حل الدولتين ، واكتشف استحالة ( الخيار الأردني ) وذلك لأسباب عديدة من الممكن العودة لها في مقال لاحق ، باتت الكثير من دوائر صنع القرار في العالم تتحدث عن خيار دولة ثنائية القومية وهو الخيار القاتل لليمين الإسرائيلي والذي يعتبره شهادة الوفاة لما يريده كمشروع استراتيجي ما زال قيد العمل ، ألا وهو ( يهودية الدولة الإسرائيلية ) التي يطالب بها نتنياهو في كل محفل داخل الدولة العبرية او خارجها.
دولة ثنائية القومية تعني بكل بساطة دولة واحدة بين النهر والبحر تشمل كل فلسطين التاريخية ، يعيش فيها جميع السكان، العرب واليهود ويتمتعون بالمواطنة والحقوق المتساوية تحت سلطة واحدة مختلطة اي بمعنى يعيش فيها اليوم 6.2 مليون يهودي و5.5 مليون فلسطيني ، وهي دولة من المفترض أن تكون على هذا النحو :
دولة واحدة، لشعبين بنشيد وطني واحد، علم، واحد وبرلمان واحد ودولة قانون ومؤسسات يمكن أن يكون رئيس الحكومة و أو الدولة إسرائيليا أو فلسطينيا.
علينا بالأردن وبعد مؤتمر « مضر زهران « وبعد إفشال اليمين الصهيوني حل الدولتين أن نرفع شعار ( الحل دولة ديمقراطية ثنائية القومية ) مقابل الخيار الأردني !!
Rajatalab5@gmail.com
الراي