بعد 10 سنوات على رحيله، حلم الملك حسين بالسلام لا زال بعيد المنال
06-02-2009 05:32 PM
عمون - بعد 10 سنوات على رحيل العاهل الاردني الملك حسين بن طلال في 7 شباط/فبراير 1999 عن عمر يناهز 63 عاما، يبدو تحقيق حلمه باحلال السلام بين العرب والاسرائيليين ابعد من اي وقت مضى.
فطوال فترة حكمه التي دامت نحو نصف قرن، عرف الحسين بانه رجل سلام يحلم بتحقيقه بين العرب والاسرائيليين، اي بين "ابناء العمومة من احفاد ابراهيم"، كما كان يحلو له ان يذكر دائما.
ويقول طاهر المصري، احد رؤساء الوزراء في عهد الملك حسين، لوكالة فرانس برس ان "الملك لم يكن يتردد في المخاطرة والاتصال مع الاسرائيليين وبدأ ذلك منذ الستينيات وكان هدفه دائما (...) الوصول الى السلام".
واثر اصابته بالسرطان، توفي الحسين بعد اقل من خمسة اعوام على توقيعه معاهدة السلام مع اسرائيل في تشرين الاول/اكتوبر العام 1994 والتي وقعها عن الجانب الاسرائيلي رئيس الوزراء اسحق رابين الذي اغتيل في تشرين الثاني/نوفمبر 1995.
وخلال مراسم جنازة رابين، قال الحسين لوكالة فرانس برس ان موت عدوه الذي اصبح صديقا فيما بعد، اثار لديه "الخوف على مستقبل عملية السلام".
ويرى المحلل السياسي مصطفى حمارنة ان موت رابين شكل "انتكاسة" للسلام". وقال لفرانس برس "لا شك في ان مقتل رابين شكل انتكاسة لجهود تحقيق السلام بين العرب واسرائيل، فقد خان جميع القادة الاسرائيليين الآخرين الالتزام بالسلام".
واضاف ان "الحسين لعب دورا مفصليا في قبول العرب لقراري مجلس الامن 242 و338" اللذين شكلا اساسا للتفاوض، مؤكدا ان "الحسين كان بامكانه التأثير على منع الحرب الاسرائيلية على لبنان العام 2006 وعلى موقف حركة حماس ليصبح اكثر اعتدالا وعلى بناء محاور من اجل السلام".
ولا يختلف رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري مع حمارنة اذ يرى ان انقاذ الحسين لحياة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، جعل منه "خيارا مميزا كوسيط مع حماس".
وكان العاهل الاردني الراحل هدد بالغاء معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية ان لم تزود الدولة العبرية خالد مشعل بترياق مضاد للسم الذي حقنه به عميلان من الموساد في تشرين الثاني/نوفمبر 1997 حاولا اغتياله في عمان، فرضخت اسرائيل لطلبه.
ووفقا لمحمد المصري، من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية، فان "الحسين كان بطل التوازن السياسي، فقد عمل لمصالح بلده الوطنية، في ذات الوقت الذي كان ملتزما فيه بحل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام دون ان يؤثر اي من هذه الامور على الآخر".
واضاف المصري لوكالة فرانس برس ان "الحسين كان يحظى بالاحترام حتى من قبل اعدائه، وبرحيله ترك فراغا لم يستطع المفاوض الاسرائيلي او الفلسطيني ملأه".
وكان سعي الحسين نحو السلام ملحوظا بشكل كبير حتى في فترة احتضاره عندما حضر محادثات تشرين الاول/اكتوبر 1998 في واي بلانتيشن في الولايات المتحدة بهدف تسريع عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
ولدى توقيع هذه الاتفاقية في البيت الابيض لم يكن في وسع الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الا ان يحيي الحسين رجل السلام قائلا "كلما كان حاضرا في القاعة كنا نشعر باننا أشبه بالبشر الذين نريد ان نكون على هيئتهم. لهذا، فنحن والعالم ندين له بالكثير الكثير".
وبدا الحسين واهنا وشاحبا نتيجة مرضه، وقال "حتى لو لم يبق لدي سوى ذرة واحدة من العزم، لكنت فعلت كل ما في وسعي لكي أكون هنا ولكي أكون مفيدا بطريقة ما".
ويرى فايز الطراونة، رئيس الوزراء الاردني السابق، ان "العلاقات الدولية تاثرت بشكل كبير اثر التغييرات عبر العقد الماضي بما فيها هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 وظاهرة الارهاب والحربان في العراق وافغانستان حيث غابت الارادة السياسية".
واشار الى ان "اعتدال الحسين كان حقيقيا بمدى التزامه بالسلام ولكن هذه الفترة تشهد توترا كبيرا يحتاج الى معجزة واتساءل ان كان بالامكان حقا تحقيق رؤية الحسين".(ا ف ب).