صندوق مادوف للاستثمار فـي نيويورك وشركات البورصات الوهمية فـي الأردن
د. فهد الفانك
06-02-2009 04:23 AM
صندوق توظيف الأموال الذي كان يديره برنارد مادوف في قلب نيويورك هو نسخة طبق الأصل عن شركات البورصات الوهمية التي انتشرت وتكاثرت في الأردن، فلم يكن لذلك الصندوق علاقة حقيقية بتوظيف الأموال، تماماً كما لم يكن لما سمي شركات البورصات في الأردن علاقة حقيقية بالبورصات.
في الحالتين كان يتم جمع الأموال من الطامعين وتوزيع أرباح عالية جداً تغري الطامعين بتقديم المزيد من الأموال التي يتم توزيع جانب منها كأرباح وهمية لاجتذاب المزيد من الطامعين بالربح السهل، دون أن يكلفوا أنفسهم مهمة السؤال عن مصادر الربح الوفير التي اكتشفها مادوف ولم تهتدِ إليها البنوك.
وإذا كان الأردنيون (الفقراء) قد استثمروا 700 مليون دينار في شركات البورصات العالمية، فإن الأميركيين الأغنياء استثمروا أضعاف ذلك المبلغ، أو 50 مليار دولار في صندوق مادوف الخرافي.
قصة مادوف تشكل عزاء لنا في الأردن، فإذا كان مستثمرونا من المواطنين السذج والبسطاء في الشؤون المالية حتى لو كانوا أساتذة جامعة، فإن مستثمري مادوف كانوا من الخبراء ومدراء صناديق الادخار والوقفيات العائدة لجمعيات خيرية وكبار الرأسماليين والمستثمرين المتخصصين.
الحال في الأردن أفضل مما هي في أميركا، فمن المرجح أن يسترد المستثمرون الأردنيون في شركات البورصات الوهمية حوالي 20% من صافي أموالهم، في حين أن أفضل الاحتمالات أن لا يسترد المستثمرون الأميركيون من صندوق مادوف أكثر من 15 سنتاً عن كل دولار استثمروه، أي أنهم سيخسرون الفوائد التي قبضوها و85% من رأسمالهم الأساسي.
في حالة مماثلة سبقت صندوق مادوف، ولو على نطاق أصغر، حكم القاضي باسترداد كل الأموال التي سحبها المستثمرون خلال السنتين السابقتين للإفلاس لأنهم توقعوا انفجار الفقاعة أو تسربت لهم معلومات عن قرب انفجارها، وكذلك إعادة جميع الأرباح المزعومة التي كانوا قد قبضوها، وهي سابقة سوف تطبق في قضية مادوف، وقد تستفيد منها محكمة أمن الدولة.
حسب علمنا أن الصحافة الاقتصادية في أميركا لم تحذر من مغبة الاستثمار لدى مادوف، في حين أن الصحافة الأردنية حذرت بشكل متكرر قبل عدة أشهر من انفجار الفقاعة وانكشاف الطابق، كما أن تحذيرات مراقب الشركات لم تلق أذناً صاغية، فالطمع أعمى القلوب وعطل العقول.
الراي.