تجربتي في أسبوعية المشرق الأردنية (شهادة عملية)
د. تيسير المشارقة
29-10-2017 12:36 PM
تداعى نفر من الخبراء والأصدقاء والمهنيين والمفكرين والمثقفين والسياسيين أواسط العام 1995 لإصدار صحيفة "المشرق" الأسبوعية. وتم استئجار أحد المباني في العبدلي مقابل سوق العبدلي القديم. الموقع رائع ومكان مطل على ساحة مكتظة الحركة. تم تأثيث الطابق الأول بالطاولات والكراسي والكمبيوترات والورق والأقلام والقرطاسية بمختلف اشكالها. وتأثيث مكاتب رئاسة التحرير بالمعدات المطلوبة للإدارة وغرفة التنضيض الضوئي بكمبيوترات أبل ماكنتوش المجهزة ببرامج الناشر الصحفي والمكتبي.
وخضعت لتجربة تدريب طباعة من الصفر إلى الياء في مؤسسة مطبعية لمدة ثلاثة أشهر .. لإتقان كل شيء في الصنعة أو المهنة.
لا نعرف بالضبط ما هي الدراسات الأولية للسوق، ولكن القرار النهائي كان إصدار صحيفة للنخبة الأردنية، أي للمفكرين والمثقفين. ولكن كم نسبة هذه الفئة التي تشتري الصحف المطبوعة. حجم الاشتراكات غطّى العجز المالي لمدة شهر تقريباً. ولكنه غير كاف وكان الإعلان الحكومي شحيحا ومفقودا.
التجربة خير برهان، للتعرف على كواليس المهنة الصحفية ولولا هذه التجربة لما كان لدكتور مثلي في الصحافة والإعلام أن يستوعب التجربة المهنية. الصحافة هي مهنة المتاعب بصح وصحيح. ولكنها بكل تأكيد تجربة مهمة وغنية وثرية بقيادة المايسترو محمد مشارقة (رئيس التحرير التنفيذي) ومحمد سلامة (رئيس التحرير الإداري).
الصحيفة استهلكت نصف المال المرصود للإنتاج ويقارب الـ50 ألف دينار في المرحلة التأسيسية الأولى . وبعد خمسة شهور من الإصدار استهلكت ال50ـ ألف دينار الثانية (أجور طباعة وموظفين وإداريين وصحفيين) ووصلت الصحيفة إلى طريق مسدود من ناحية التمويل وإمكانيات الطباعة. كما أن شح التوزيع والمرتجع الضخم للصحيفة أربك التجربة التي كان ينقصها الدراسات الأولية واللاحقة لإمكانات السوق.
الصحافة الحزبية الصاعدة في ذلك الوقت أعاقت من ظهور الصحف المستقلة الخاصة غير الموثوق بها على اعتبار أن لا صحافة مستقلة وخاصة وأن الخيارات بين صحف حزبية أو صحف حكومية .
الصحافة هي مسوّدة التاريخ ، أداة وصناعة تهدف لتوجيه الرأي العام، والصحفي هو الشخص المهني القادر على الكتابة وتتوفر لديه الموهبة في الصياغة الإخبارية والتقريرية والتحليلية. والصحافة هي صناعة أو مهنة إصدار الصحف والوصول للمعلومات والأخبار وإعادة تحريرها في أشكال فنية جديدة (أخبار وتقارير ومقالات ومقابلات..) وإدارة المؤسسة بشكل صحيح .
صحيفة المشرق توقفت أواسط 1996 بسبب العجز المالي والارتباك في حالة الصحافة عموماً في الأردن. وآلت الصحيفة إلى إدارة جديدة ومن ثم تم الاتفاق مع الإدارة المالية أن تتحول إلى صحيفة تابلويد أو قطع وسط ونصف تابلويد باسم جديد وهو "المشرق الإعلامي" بإدارة الإعلامي جورج حواتمة.
تشرفت بالعمل في صحيفة " المشرق" و" المشرق الإعلامي" (1995-1996) كمحرر وكاتب. وخرجت من هذه الجريدة الدورية الأسبوعية بتجربة عملية ثرية وهي أن الصحافة حرفة ومهنة ، ومادة إعلامية ، ووسيلة اتصال اجتماعية، ووظيفة ، وصناعة. بعد هذه التجربة المهمة والغنية قررت الانتقال إلى العمل الإذاعي في الراديو، وعملت في إذاعة خاصة(الحب والسلام) تعرفت من خلالها على التجربة من الداخل مع الإعلامي معتز بسيسو، ومن ثم انتقلت إلى العمل كمعد ومقدم برامج ثقافية في تلفزيون خاص مجتمعي (تلفزيون القدس التربوي)، ومن ثم انتقلت إلى قطاع السينما كمشاهد وناقد وصانع أفلام.