البنادق القديمة طقوس وتواريخ وقصص
27-10-2017 03:07 PM
عمون - انتشر استعمال البنادق انتشاراً هائلاً في عموم المنطقة العربية منذ القرن الثامن عشر وما بعده. وراجت تجارة تهريب الأسلحة في المنطقة رواجاً كبيراً إمّا تهريباً أو بيعاً أو شراءً، ما أزعج المحتلّين البريطانيين، وتبيّن ذلك من التقارير التي دوّنها الملاحظون والمراقبون والمعتمدون والوكلاء حول هذه التجارة.
وتعدّدت أسماء البنادق حسب اللهجات المحلية.. ومِن الملاحظ على هذه الأسماء أنّها غالباً ما تكون ألفاظاً محلّيّة تشير إلى شكل البندقيّة، وبعض الأسماء هي عبارة عن ألفاظ محرّفة مِن أسماء أوروبيّة، وبعضها أخذت أسماءها مِن أسماء الشركات التي صنعتها.
صناعة بريطانية
كانت البنادق الرائجة في المنطقة في القرن الـ19، التي انتعشت بانتشارها مع رواج تجارة الأسلحة التي ترجح مصادر كثيرة تشجيع البريطانيين لها، كانت في معظمها بريطانية الصنع، وكانت تهرّب من الساحل الشرقي إلى أفريقيا، وبالذّات مِن زنجبار، إلى مسقط، حيث كانت تباع إلى رجال القبائل.
ومن الغريب أنّ السلطات البريطانية كانت تحاول الحدّ مِن تهريب وتجارة الأسلحة وفي الوقت نفسه كانت العديد من شركات المتاجرة بها مشمولة بالحماية البريطانية. وما ساعد على رواج هذه التجارة الظروف السياسية والعسكرية في عموم المنطقة، إضافة إلى كثرة الحروب والاقتتال بين القبائل حينذاك.
كما أنّ الأهالي كانوا مغرمين بامتلاك السلاح والبنادق والرصاص، إذ يراه البعض من وسائل الدفاع والرجولة والحماية. وكان اقتناء البنادق مِن العادات المعروفة والمتوارثة في مجتمع الإمارات منذ القِدم، وكانت الرغبة في التسلّح بدافع الحماية الشخصيّة والدفاع عن النفس ضدّ أيّ خطر أو عدوّ، كما أصبح حمْل السلاح نوعاً مِن التزيّن والتباهي، وأصبح بعض الأهالي يعلّقون هذه البنادق على جدران الغرف للزينة، إضافة إلى استخدام هذه الأسلحة في القنص.
حرفة
يحوي البارود على ثلاثة عناصر، هي: ملح الأرض والكبريت والفحم، وكانت صناعته في الإمارات معروفة على الأقلّ بين مصلّحي وصانعي البنادق والأسلحة، ولذا فهي محدودة الانتشار. وقد أصبحت هذه الصناعة مِن الحِرف التقليديّة التي تتطلّب أيادي ماهرة وخبرة كبيرة.
والمواد المستخدمة هي: قالب لصبّ الرصاص، الرصاص الحلو والصفر والنحاس، وعاء مِن الصفر، شجر الأشخر والشورة والكبريت والقهوة. وتؤخذ أخشاب أو جذوع الأشخر ذات الأحجام المتوسّطة فتقطّع ثمّ توضع في الشمس لتجف ثم توضع في حفرة وتوقد فيها نار هادئة إلى أن تصبح جمراً ثم يوضع على الحفر إناء مِن النحاس وتسدّ منافذ الحفرة بالتراب حتى يظلّ الدخان محبوساً بالداخل مدّة 7 ساعات.
وبعد ذلك تفتح الحفرة ويتمّ استخراج الفحم الأسود ثم تحضّر «الشورة» وتوزن بميزان محدّد ويضاف إليها الكبريت الأصفر بمقدار كيس واحد، وتقلى القهوة وتحمّص بدقّة حتى لا تحترق، وتكون كمّيّة القهوة حسب قبضة اليد وتخلط كلّها وتترك في وعاء محكم بعيداً عن الغبار أو الهواء.
كما يخلط قليل مِن الشورة ومعها مقدار فنجان مِن عصير الليمون وسبع فصوص مِن الثوم وتوضع كلّها في قدر مِن النحاس مع قليل مِن الماء، ثم توضع على النار. وبعدها يتمّ خلط كلّ هذه المواد في قدر كبير، ويجب مراعاة الدقّة في المكاييل والموازين.
أمّا صناعة القمعة أو الكبسولة فتتمّ أوّلاً عن طريق تقطيع صفيحة مِن النحاس إلى أشكال مختلفة تشبه الكبسولات ثم توضع داخل آلة حديديّة صغيرة الحجم تتولّى عمليّة ضغط وتركيب الكبسولة على الخشرة أو الصفرة، وهي في الأصل مِن مخلّفات الأواني الفخاريّة، وتعبّأ الخشرة بالبارود بمكيال دقيق ثمّ تسدّ الفتحة بورقة شفّافة رقيقة تلصق بصمغ القرط وتوضع المواد داخل الآلة وتضبط الرصاصة أو الطلقة فيها بشكل محكم، بحيث تكون بحجم الرصاصة.
1879
لم تكن المنطقة تعرف تجارة الأسلحة بصورة منتظمة، إلا بعد ظهور الأوروبيين لا سيما البريطانيين والفرنسيين والهولنديين. وبدأ رواجها في الربع الأخير من القرن التاسع عشر (1879 ـ 1898)، ثم ازدادت بعد ذلك. ولم تتمكّن المعاهدات والقوانين والتنظيمات وسلطة الاحتلال البريطاني والسلطات العمانية والفارسية من إيقاف هذه التجارة.. وقد كانت البنادق أكثر الأسلحة انتشاراً ورواجاً.
أحجام وأحزمة
كانت الطلقات في البداية تشبه حبّة البندق، وبعضها اسطواني الشكل تقريباً، كبير الحجم نوعاً ما. ومع تطوّر صناعة البنادق وزيادة مداها أضحت الطلقات كبيرة الحجم. وكانت توضع في أحزمة خاصّة ذات حلقات جلديّة تثبّت فيها، ويعلّق في وسط المحزم خنجر، وتسمّى طلقات الأسلحة (الرصاص) باسم «الزانة».