النقابات المهنية تقع في فخ دعوات مهننتها
إيهاب مجاهد التميمي
27-10-2017 10:23 AM
طالما اتهمت النقابات المهنية بالانشغال بالعمل السياسي الذي لم يكن يتعدى تفاعلا قويا منها مع القضايا الوطنية المحلية غالبا والعربية والاسلامية أحيانا.
وكانت مطالبة الحكومات لها بالانشغال بتحسين أوضاع مهنيها ومنتسبيها مدخلا للأصوات الرسمية الداعية لابتعاد النقابات عن العمل السياسي على اعتبار ان ذلك أضر بأدوارها المنصوص عليها في قوانينها.
ورغم تأكيد النقابات المهنية بأن دورها السياسي لا يكاد يذكر مقارنة بدورها المهني والخدمي، الا انه لم يهدأ للحكومات بال حتى خنقت النقابات في زاوية مهنها.
ومع تراجع النقابات الى الخطوط الخلفية لمهنها تاركة فراغا كبيرا في ساحات عملها الوطني والسياسي، وجدت نفسها في مواجهة الحكومات التي تريد انتزاع أدوارها المهنية أيضا بعد ان نزعت مخالبها وانيابها السياسية.
وباتت غالبية النقابات وبالأخص الصحية منها تواجه خطر انتزاع صلاحياتها لصالح جهات رسمية وخاصة وهلامية، من خلال الأنظمة ومشاريع القوانين التي تسلبها صلاحياتها التاريخية والتي مثلت اساس وجودها وجوهر تشريعاتها فيما يتعلق بتنظيم مهنها وعضوية منتسبيها والمطالبة بحقوقهم، وهو ما عبر عنه نقباء النقابات الصحية،
ووفقا لنقيب الصيادلة د. زيد الكيلاني أنه في الوقت الذي تريد فيه النقابات العمل من أجل مهنها ومنتسبيها، فوجئت بأن هناك من يسعى لانتزاع صلاحياتها الرئيسية المتعلقة بمنتسبيها ومؤسساتهم الصحية والتي طالما كانت تمارسها بالتعاون مع وزارة الصحة.
وفي الوقت الذي وقعت فيه النقابات في فخ مهننتها، تجد ان الحكومة نفسها تقف عائقا امام دورها المهني من خلال عدم اقرار تشريعاتها والتعديلات والمطالبات التي تقترحها لتحسين أوضاع منتسبيها والحفاظ على مكتسباتها، فوجدت نفسها في حفرة غير قادرة على الخروج منها الا بعودة مخالبها التي قضمتها بنفسها، بعد أن أهدت انيابها لمنتقدي دورها السياسي على طبق مهامها.
ولم تسلم نقابة سواء أكانت مدارة من مجالس محسوبة على القوى الاسلامية او القومية أو المستقلة من محاولات تهميش أدوارها، ونزع صلاحياتها، فباتت جميعها في «الهوا سوا» وتبحث عن طوق النجاة وارضية صلبة تمكنها من الانطلاق مجددا.
ووجدت نقابات نفسها في فوهة مدفع يريد القاءها بعيدا عن أدوارها، فعملت على توحيد جهودها للدفاع عما تبقى لها من أدوار مهنية، وهو ما عمدت اليه النقابات الصحية.
واذا كانت شكوى النقابات الصحية من القوانين والأنظمة التي تسلبها صلاحياتها، فان نقابة الأطباء تجد صعوبة في اقرار تعديل واحد على قانونها ينص على منح الاطباء المؤهلين وحملة شهادات الاختصاص لقب مساعد اختصاصي لحل اشكالية قانونية ومهنية، فان نقابة المهندسين تعاني من اقرار تعديلات على نظام التقاعد من شأنها تعزيز وضع صندوقها.
فيما عانت نقابة الجيولوجيين من نظرة الحكومة لمادة علوم الأرض واعتبارها مادة غير أساسية في مرحلة الثانوية العامة، الأمر الذي يهدد أرزاق الجيولوجيين المدرسين لهذه المادة، أما باقي النقابات فتشكو من عدم استجابة الحكومة لمطالبها على اقل تقدير.
وأمام هذا الواقع ظهرت أصوات نقابية تدعو النقابات الى اعادة مخالبها السياسية وعدم التقوقع على نفسها، حتى تتمكن من تحقيق أهدافها المهنية.