لا أعتذر عن سوق هذا المثل الشعبي الأثير ،كإسقاط على حالة مثيرة للدهشة لكنها أيضا مثيرة للسخط , على أنني مدين بتوضيح يفسر مقاصد هذا الإسقاط ،دون تقصد لإهانة ولا إستهداف لأحد ولا تأليب الناس على أحد .
وللتوضيح فإن المقصود ب «شطح» هو تمكن أو وصل إلى ما يريد من جاه أو منصب أو مكانة عالية.
والمقصود ب «نطح» أي صدم أو ضرب أو اعتدى أو استغل نفوذه لإيذاء الآخرين ويقال هذا المثل للذي أعطاه اللَّه جاهاً ومكانة بعد أن كان لا شيء ولكنه لم يستغلها في عمل الخير.. فأول ما شطح نطح، أول ما تولي الأمور أصدر قراراته التعسفية والضارة فهو أول ما شطح نطح وبدلا من خدمة الناس ذهب يبحث عن المكاسب .
أفضل تفسير لهذا المثل وجدته عند المصريين وهنا أروي قصة منقولة :فالمراد بالمثل أول ما شرع في العمل وبدأ فيه أساء وهو يُضرب لمن تكون باكورة أعماله الإساءة.
أصل المثل يعود إلى أهالي إحدى المناطق بالصعيد في مصر، حينها اجتمعوا يتساءلون عن «برز الجاموس الذي ينبت منه»، حينها اتفقوا على أن أصله هو «الجبن»، وعليه دفن أحدهم قطعة منه في الأرض.
وأكمل: «عاد إليها بعد أيام لينظر ما أنبتت، فعثر بحجر فظنه قرن العجل الذي نبت من الجبن، وقال متعجبًا: أول ما شطح نطح..
أول ما شطحت مجالس اللامركزية نطجت، ب طلبات لأعضائها . زيادة المكافأة الشهرية من500 دينار شهريا إلى 1500 دينار شهريا وسيارات بلوحات وأرقام خاصة حمراء عصية على المخالفات ، وألقابا نيابية أسوة بأعضاء مجلس النواب.
مع أن التمثيل الشعبي ليس بوابة لقطف امتيازات شخصية وينبغي أن يكون تطوعيا بأجرة رمزية إلا أن مطالب هؤلاء الممثلين كانت صاعقة لأمرين , الأول هو أنهم تسابقوا على خدمة البلاد والعباد وخدمة الناس لا ثمن ولا أجر لها فهي خدمة عامة أما الثاني , فها هي الحكومة تعصر نفسها وتريد أن ترفع الدعم بحثا عن قروش تسد فيها رمق الموازنة وتوقف فيها نزيف الدين وهاهم اللامركزيون يثقلون عليها بطلبات خاصة .
هذه بداية ليست موفقة ولو صبروا على الإنجاز ولو أنهم قدموا شيئا لقلنا أن المطالب تستحق النظر فتعبهم وإنجازهم يستحق المكافآة لأنهم جلبوا منفعة ووفروا فرص عمل ومشاريع وساهموا في توفير مصادر دخل وطوروا بلداتهم ومدنهم
هذه ليست وجاهة يا سادة وهي ليست وظيفة هي عمل عام لا يتطلب امتيازات وظيفية وراتباً وسيارة بنمرة حمراء..
كنت أتوقع أن يتبرع أعضاء مجالس المحافظات بال 500 دينار للمدن التي يمثلونها , وكنت أتوقع لوصبروا ليكون في مدنهم مشاريع هي باكورة أفكارهم وجهودهم قبل أن ينشغلوا في قطف المكاسب .
مهلا يا سادوا إنكم في القصر من أمس العصر , ولم تغب بعد شمس يومكم لتطلعوا علينا بهذه المطالب , مهلا «وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» وناخبوكم الذين ينتظرون أن تقدموا لهم شيئا لا أن تأخذوا من ضرائبهم لجيوبكم .
القصة ليست زراعة قطعة جبن تنتج لكم بقرة !! بل إصلاح البقرة كي تنتج لكم جبنا !!.
الراي