الزوبعة التي أثارها الرئيس الأميركي ترمب حول الاتفاق النووي الإيراني انتهت أو كادت بدون تحقيق أية نتائج.
على العكس من ذلك فقد اتضح أن الاستمرار في إطلاق التصريحات وأخذ مواقف منفردة، سوف يؤدي إلى عزلة أميركا عن حلفائها وباقي الموقعين على الإتفاق.
الاتفاق النووي الإيراني جرى توقيعه في تموز 2015 من قبل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي والمانيا والاتحاد الأوروبي، وكلها أخذت مواقف واضحة ضد ما يدعو إليه ترمب، وأعلنت أن الاتفاق سوف يستمر بدون أميركا إذا قررت التصرف بشكل فردي لمجرد تسجيل مواقف.
الاتفاق النووي الإيراني ليس مثالياً من وجهة نظر الدول الموقعة، أولاً لأنه يقتصر على عشر سنوات ونحن الآن في بداية السنة الثالثة، فماذا يحدث بعد انتهاء هذه الفترة؟ وثانياً لأنه لم يتطرق إلى الصواريخ البالستية التي تقوم إيران بالتجارب عليها بشكل مكثف لتطويرها، وثالثاً لأنه يرفع معظم العقوبات بمجرد التوقيع، مما وفر لإيران 17 مليار دولار من إيرادات تصدير البترول، كما يتم الإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة، مما يمكن إيران من توسيع نشاطاتها الإقليمية، ورابعاً لأنه يضع قيوداً على تفتيش المواقع العسكرية، وأخيراً ليس في الإتفاق شرط يحد من توسع إيران في بناء ودعم المليشيات التي تأتمر بامرها في المنطقة.
الخطاب الناري الذي ألقاه ترمب يقف عند حد الكلام والتهديد، ولكن لا يبدو أن أميركا سوف تحرك ساكناً، تماماً كما فعلت مع كوريا الشمالية.
الانقسام الواضح بين أميركا وشركائها في الاتفاق النووي يلحق الضرر بأميركا، ويظهر عجزها عن القيام بدور قيادي على الساحة الدولية، ومما يزيد الطين بله أن ترمب لا يلقى تأييداً كاملاً ضمن إدارته، فهناك مراكز قوى رسمية تؤيد احترام الاتفاق والالتزام به حتى لو كان يحمل بصمات أوباما، العدو اللدود لترمب.
يقول المفتشون الدوليون إن إيران لم تخالف شروط الاتفاق، فهي حريصة على عدم إعطاء الموقعين على الاتفاق عذراً للانسحاب أو التحفظ أو إعادة فتح الاتفاق للمزيد من التفاوض الذي كان قد استغرق عشر سنوات قبل أن يتم الاتفاق ويلتقي الجانبان في منتصف الطريق.
إيران لا تشكل خطراً على أوروبا وأميركا حتى لو امتلكت السلاح الذري، ولكنها تشكل خطراً على دول المنطقة وهي خارج نطاق الاتفاق والخلاف حول الموضوع.
الراي