facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




أوراق متعبة


سهير بشناق
27-10-2017 12:57 AM

حلم.. الحياة من جديد.

لماذا ينتابها هذا الخوف؟.

تشعر بان جسدها يرتعش ،غير قادرة على الاحساس بشيء وكانها تحلق في عالم اخر ليس جزءا منها.

لطالما اضجرتها الحياة والايام المحملة بالمسؤوليات واشعرتها بالتعب والوحدة تارة والروتين الذي يتسلل الى حياتها يوما بعد يوم، لتكاد تشعر بانها تتقن ما هو مطلوب منها وتنجزه دون الحاجة للتفكير به لحظة واحدة.

احلامها ..كانت اكبر بكثير من واقعها(...) الذي تعيشه تحلم دوما بتحقيق شيء ما لا تعيشه وكانها على موعد دائم مع الايام التي لم تكن ترضى عنها وتتقبلها.

لا تختلف حياتها عن حياة نساء اخريات فهي زوجة عليها كم كبير من المسؤوليات ،من اللحظة التي قبلت بها ان تكون زوجة وتشارك انساناً اخر الحياة.

وهي ام تتضاعف مسؤولياتها يوماً تلو الاخر اتجاه اطفالها تشعر بهم مرة ويصيبها العجز مرات اخرى لتشعر بانها لم تعد قادرة على الاعتناء بهم وتربيتهم وتحمل اخطائهم ومتطلباتهم وحجم اعتمادهم عليها لتقسو عليهم مرات ومرات..

كانت ايامها تسير برتابة ،تكاد تسرق منها معنى الوجود، كما تراه هي .

لا ينتهي يوم الا وتتذمر من كل ما حولها ؛مسؤولياتها،احلامها التي لا تتمكن من تحقيقها... رغبتها بان تعيش حياة مختلفة لا تعلم كيف تكون الا ان عدم الرضا عن ايامها كان يرافقها دوما.. في اعماقها توتر دائم يحكم علاقاتها مع كل من حولها وكانها كانت غير مبالية بهم تشعر انها تحيا بدونهم لا يعنيها بقاؤهم او رحيلهم.

لم تشعر بالحياة ولم تفهم معناها كما يجب الا بلحظة واحدة كانت امامها مجردة من كل شيء كانت تعيشه سابقا لحظة واحدة غيرت نظرتها للحياة وادركت معنى ان تكون انسانة تتعلم ان تحيا كل يوم بما فيه من فرح وسعادة بقرب من تحب..

لحظة واحدة شعرت بها بالخوف ومعنى ان يكون الانسان قريبا من الرحيل تاركا وراءه كل من احبهم ولم يدرك قيمتهم ووجودهم بايامه.

هي تلك الحظة التي اكتشفت بها بان ما تبقى لها من ايام تربطها بالحياة قليلة.. هي تلك اللحظة التي يكون الانسان بها بمواجهة مع العمر كله يراه بمكان وهو بمكان اخر يبعد عنه ليودعه دون ان يملك خيار اخر يجدد به الامل بالبقاء.

نظرت لاطفالها وكانها تراهم للمرة الاولى وكانها تكتشف معنى وجودهم بحياتها.. هذا الوجود الذي لطالما كان سببا في تذمرها مرات ومرات ومدعاة لشعورها بالتعب والمسؤولية.

نظرت اليهم واكتشفت بانها لم تتعلم ان تحبهم كما يجب... ان تمنحهم الحب كما يجب ان تقضي اوقاتها معها تشاركهم ايامهم واحلامهم وتكون جزءا منها عوضا عن كل ما كانت تقوم به من تادية لاحتياجاتهم فقط غير قادرة على تفهم نوع اخر من الاحتياج لا يمكنهم ان يعبروا عنه لكنهم يشعرون بعدم وجوده في كل مرة يقتربون منها مطالبين بان تكون اما بلا قيود..

استعادت رؤيتها للحياة وكيف تعاملت مع الايام ومع الاخرين.. كيف حملت هم العمر والايام وتفاصيلها الصغيرة لتفقد قدرتها على ان تحيا هذه الحياة ولو بقليل من الفرح الذي يمنحها السعادة

ان تحيا دون ان تفكر بالغد الاتي... ان تعيش اللحظة بكل ما فيها لتتمكن من ان تكون كما تريد.

هي اليوم اقرب الى الرحيل عن البقاء وكم موجع ان يكون الانسان قد اقترب من النهايات دون ان يعيش البدايات دون ان يفكر للحظة ما بانه سيغادر كل من احبهم ليكتشف انه احبهم دون ان يتعلم كيف يحيا بهذا الحب ليتغلل الى اعماقه ويشعره بقيمتهم.

في هذه اللحظات يصبح الانسان عاجزا متمسكا بالحياة التي كان لفترات سابقة يتعامل معها من زواية واحدة انها لم تقدم له ما يستحقه وما يحلم به ليكتشف بان كل ما تمناه وغضب لاجله لا يستحق لحظة واحدة من الشعور بمعنى الرحيل عنها..

ارادت ان تقترب من كل الذين احبتهم ولم تراهم كما هم بعد ان عجزت عن ان تحيا بهذا الحب كما هو ارادت ان تخبرهم بان وجودهم بحياتها ليس عابرا بل هو كل ما تملكه وستغادره.

ارادت ان تحيا عمرا جديدا لتودع الحزن ولتفهم معناه الحقيقي عندما يطرق ابواب نفوسنا ويحولها لنفوس متعبة عاجزة ليكون حينها حزنا والما لا حدود له.

ارادت ان تستعيد كل ما مضى وتتعلم كيف تحيا تمر مرور الكرام من امام غضبها وتوترها وحزنها لا يستوقفها اي منهم لانها تحب الحياة ولا تزال تحلم بوجودها بين كل من احبتهم.

لكنها تشعر بالخوف وجسدها يرتعش.. لا تقوى على الحديث ويداها عاجزتان عن طلب المساعدة ممن حولها اتراها رحلت..؟

اتراها عاجزة عن تقبيل اطفالها للمرة الاخيرة واخبارهم عن اسفها لكل ما بقلبها من حب لهم لم تمنحهم اياه كما يريدون..

اتراها الان في عالم اخر لا احد يسمعها... ليتها الحياة تمنحها يوماً اخر.. يوم واحد فقط تعيد ترتيب ايامها كما تتمنى وتعيشها وكانها لن ترحل ابدا..

يوم اخر كان بصورة لم ترها من قبل..

هو ذاك اليوم عندما سمعت صوت اطفالها للمرة الاولى وهم حولها وينادونها لتصحو وتساعدهم للاستعداد للذهاب الى مدارسهم..

مدت يدها لهم وهي ترتعش وحضنتهم وحدقت بملامحهم جيدا.. فهي لم ترحل بعد لكنها شعرت بوجع اثقل قلبها ونفسها.. شعرت بالخوف الحقيقي للمرة الاولى بحياتها.. لتكتشف معنى الحياة من جديد بيوم اخر، بعد ان عاشت تجربة الرحيل باحلامها التي كانت تحياها بطريقة اخرى.. لتدرك بان الحياة خيارات..

وكم تنقلنا الاحلام من حال لحال وتغير قلوبنا ونفوسنا الى الابد..



الراي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :