ان فيضان فواتير المياه خلال هذا الأسبوع أغرق المئات بل الالاف من الناس بالهموم والمآسي حيث صدموا بالأرقام الفلكية لهذه الفواتير، وكغيري من المواطنين سمعت الكثير من الناس تشتكي من أن فواتير مياههم تجاوزت الخطوط الحمراء وبلغت مئات الدنانير، وهم يسكنون في شقة، لا استوعب أن استهلاك شقة صغيرة كالتي أسكن فيها تبلغ فاتورتها لهذه الدورة 95 دينار بينما هي في الدورة السابقة 18 دينار فقط، ولا استوعب أن فاتورة أحد الأصدقاء بلغت 305 دنانير بينما كانت في الدورة الفائتة 32 دينار وهو يسكن في شقة صغيرة أيضا.
حالة من الجنون بالفعل تنتاب المواطن الأردني، يتفاجأ ويصدم، كل يوم فاتورة، كل يوم رفع أسعار، كل يوم مخالفة سير، كل يوم ضريبة، لم يعد لديه وقت لالتقاط أنفاسه، او ان يجد نفسه، يذهب للاعتراض على فاتورة المياه، يُطلب منه ان يدفع قبل الاعتراض، او ان يضع في جيب الموظف 10 دنانير ليعيد له تقييم الفاتورة، وبعد يوم عمل شاق ومراجعات وأعطيات واكراميات! يتم تخفيض الفاتورة بنسبة معينة !!!
ما هذه اللعبة؟ فواتير مجنونة بأرقام خيالية ولعبة تخفيض سخيفة! لماذا يوضع المواطن من الأصل وسط هذه اللعبة المشبوهة، وحاله عبارة عن قروض وبطالة، وفقر، ومرض وجوع، وعطش، واكتئاب، ولسان حاله يقول: أين المفرّ؟ ويسأل، إن كان لدى الحكومة أية إجابة لهذا الوضع، وهل قدر المواطن ان يتعايش الى الابد مع حالة الفقر والبؤس والكآبة التي أسهم في توسيعها عناصر الفساد في هذا البلد؟
هل هي أخطاء متعمدة لسرقة ما تبقى في جيب المواطن؟ ام ان موظفي العدادات لا يقرأون ويقومون بوضع تقديرات جزافية عشوائية تتجاوز عشرة أضعاف الاستهلاك في دورات سابقة لتأتي الفاتورة الخيالية، ولم تعد أخطاء فردية او سهو في حواسيبهم،
ما يبدو ان هذه التقديرات العشوائية متعمدة لإثارة الرأي العام لأنها شاملة وعامة وليس لها تفسير سوى انها تواطؤ وتهيئة للرأي العام وتخديره لتقبل هذه الفواتير العالية تمهيداً للرفع الرهيب وهو رفع الدعم المزعوم عن الفاتورة نهائيا.
لم يعد لدى الناس القدرة على الحديث أكثر مما قيل، فمعاناتهم مستمرة وعلى جميع الجبهات، والقهر بادٍ على وجوههم والأسى على محياهم ..... لم يعد لديهم القدرة على الحديث بموضوع الولاء والانتماء.