المعلومات الرسمية تقول أنه تم ضبط 163 كيلو غراما من الهيروين و(130) طنا من الحشيش و(12) مليون حبة مخدرة خلال العام الماضي وحسب تعبير مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام العقيد طايل المجالي "ثبت" أن معظمها كان في طريقه إلى دول مجاورة ، ويضيف: حسب التصنيف العالمي فإن الأردن ليس دولة متعاطية للمخدرات ولا توجد زراعة للحشيش ولا حتى مختبرات ، وأنه لم يتم ضبط أي مخدرات في مدارسنا ، في حين تم ضبط (155) طالبا يتعاطون مخدرات من أصل (365) ألف جامعي (نسبة قليلة فعلا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هؤلاء تم ضبطهم ، فيما هناك طلاب لم يُضبطوا بعد،).
العقيد طايل نفى الإشاعة التي تقول أن المخدرات منتشرة في جامعاتنا بل هي نظيفة من المخدرات مبينا أن هذه الاشاعة تصدر في بداية كل موسم دراسي جديد... المعلومات الرسمية القيمة التي قدمها العقيد طايل في سياق لقاء مدير الأمن العام الفريق الركن محمد ماجد العيطان مع الصحفيين ، على جانب كبير من الأهمية ، ومنها أنه لا توجد في الأردن منطقة سوداء للمخدرات وان جميع المناطق مسيطر عليها ، ومما قال أيضا أن عمل إدارة مكافحة المخدرات يقوم على التخطيط وليس على التنظير وهناك (3) محاور منها محور مع وزارة التربية والتعليم حيث قامت الإدارة بتزويدهم بمنهاج عن المخدرات والمحور الثاني المجلس الأعلى للإعلام والصحة والصحافة والاوقاف ، كما استحدثت الإدارة اسلوبا جديدا من خلال تأهيل مجموعة من الشباب في المحافظات يبلغ عددهم 120 شخصا والعمل جار على زيادتهم "حتى نصل الى الفكرة في منع دخول المخدرات".
أخيرا يقول أنه يدخل الى الاردن يوميا اكثر من (1200) شاحنة لهذا قامت الإدارة بإنشاء مكاتب لمكافحة المخدرات في المراكز الحدودية كافة وزيادة عدد الكلاب البوليسية ،
كل هذا الكلام يؤدي إلى نتيجة على جانب كبير من الأهمية: ثمة مشكلة حقيقية في ملف المخدرات ، ولم يزل هذا الملف مدار اهتمام إدارة مكافحة المخدرات فقط ، هناك فرضية أو "إشاعة" تقول أن المجتمع الأردني لم يزل مجتمعا غير متعاط لهذه السموم ، لكن ثمة دلائل وإشارات تثير القلق ، حتى في سياق كونه "معبرا" للمخدرات ، لنتخيل مثلا عبور 130 طنا من الحشيش في عام؟ حوالي ست سيارات ديانا؟ هرم من الحشيش تم ضبطه فيما كان يحاول العبور.. كم عبر فعلا ولم يتم ضبطه...؟
لا نشكك في قدرة جهاز الأمن وكفاءته ، إطلاقا ، لكن الفرضية تقول أنه ما دام تم ضبط هذه الكمية فثمة كمية أخرى لم يتم ضبطها ، وقل مثل ذلك عن الحبوب المخدرة ، والبودرة السامة ، إلى ذلك ، بوسعنا أن نتحدث بشكل أكثر أريحية عن قصة المدارس ، فنحن نسمع عن طلاب وطالبات يتعاطون شما أو تدخينا أو بلعا ، ربما لم تصل القصة إلى حجم الظاهرة ، لكننا نتداول همسا قصصا عن أبناء وبنات مدارس يتعاطون ، بل إننا نسمع قصصا أخرى عن شيوع التعاطي في أوساط معينة من سيدات المجتمع الضجر أو الراقي.
واذكر أن الزميلة ملك التل قامت بتحقيق استقصائي عن هذه الظاهرة تحديدا وسط السيدات ، وجاءت لي بمعلومات مذهلة لم أستطع أن أنشرها في "الدستور" إبان عملي مديرا لتحرير المحليات ، فنشرت ما استطعت نشره من تحقيق الزميلة ملك ، واستثنيت الباقي ، وقل مثل ذلك عن الجامعات ، خاصة في أوساط الطلبة الميسورين ،
من المريح أن نظل نكرر أن بلدنا بلد عبور للمخدرات ، وأننا لا نزرع الحشيش وليس لدينا مختبرات "قطاع خاص" لانتاج المخدرات ، لكن علينا أن نعترف أن لدينا مشكلة ومن الظلم أن نترك جهاز المكافحة وحيدا في التصدي لها ، هناك حاجة لعمل مجتمعي منظم ، برعاية مؤسسات مجتمع مدني ، ومتطوعين (على شاكلة الطلبة الذين تحدث عنهم العقيد طايل) لتوعية بمخاطر التعاطي ، فالمخدرات - لنعترف - موجودة ، سواء كانت للعبور أو للإقامة ، وبعض العائلات مبتلاة بهذه الآفة ، لم ننتظر وصولنا إلى حالة عموم البلوى؟؟
al-asmar@maktoob.com