اسئلة عديدة وكبيرة تكشف طبيعة وحجم الازمة التي تحاصر الاردن منذ 2010 . حيث استجدت تحديات مرحلة اختطاف الربيع العربي لتضاف الى تراكمات سابقة جرى ترحيلها مما ضاعف من حدة الازمة ووصلت بها الى مستوى غير مسبوق زاد عن ازمة 1989 الشهيرة .

ولئن طغى على سطح الازمة وغلب على مظاهرها الطابع الاقتصادي الا انها ما تزال تظهر في حدود وتبطن في اخرى جوانب سياسية لم يعد ممكناً ولا مفيداً تجاهلها او القفز عنها . وهو ما يجعل الازمة تتجاوز كونها ازمة حكومة لتصبح ازمة دولة وليس اقل من ذلك .

جملة من الاسئلة مطروحة على بساط البحث تؤكد ما ذهبنا اليه من ان الازمة ليست ازمة حكومة وانما ازمة دولة في المقام الاول ومن غير العدل ان تترك الحكومة وحدها في مواجهتها . ونسأل هنا :

1- لماذا ما تزال يد الدولة تضعف شيئاً فشيئاً عن انفاذ القانون ؟

2- لماذا لايزال نهج تشكيل الحكومات مستمر على حال تجاوزه الزمن ؟

3- لماذا هذا الاحجام التاريخي عن المبادرة لإدماج الاقتصاد غير الرسمي بالاقتصاد الوطني؟

4- لماذا التلكؤ عن القيام بالإصلاح الشامل للنظام الضريبي ؟

5- لماذا الاستمرار بآلية الدعم الفاسدة التي تقدم الدعم للسلعة بدلاً من تقديمها للمستفيد ؟

6- لماذا السكوت عن تمدد العمالة الوافدة على المهن التي يمارسها الاردنيون ويقبلون على العمل بها ؟

7- ولماذا نفشل في تصنيع خامات البوتاس والفوسفات حتى اليوم ؟

8- ولماذا المليارات المحفوظة في البنوك لا تجد طريقها للاستثمار ؟

9- لماذا لم يفلح قانون الاستثمار ومؤسسة تشجيع الاستثمار بعد ؟

10- ولماذا لم تنجح المناطق التنموية في تحقيق اهدافها ؟

11- لماذا الاصرار على مصادرة الحكومة لصلاحيات البلديات التي يقرها لها قانون البلديات ؟

12- لماذا تستمر فوضى الابار غير المرخصة بل والمرخصة ايضاً التي يمتلك اصحابها المياه والرخصة بدلاً من التمتع بحق الاستعمال فقط ؟

13- لماذا لم ننجح بعد في تأسيس نظام نقل داخلي مناسب ؟

14- لماذا لم ننجز حتى اليوم نظاماً للتأمين الصحي الشامل ؟

15- لماذا هذا التأخير في مواجهة تراجع نظام التعليم ؟

16- لماذا لا تحظى الاحزاب بعد بكوتا في قانون الانتخاب ؟

17- لماذا تتمدد الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة ؟

18- لماذا تترك الحكومة وحدها لتواجه تراكم الازمات بولاية منقوصة ؟

19- لماذا لم يتحرك الفعل السياسي بعد ليأخذ دوره في اسناد الفعل الاقتصادي الذي يواجه انسداداً ؟

20- لماذا لا نرى حتى الان اي تحرك رسمي لوضع الخطط العملية لوضع اوراق جلالة الملك النقاشية موضع التنفيذ ؟

الدولة بتعاون كافة سلطاتها واجهزتها ومؤسساتها الخاصة هي التي ينبغي ان تجيب على هذه الاسئلة وليس الحكومة وحدها فقط . والدولة هي الديوان الملكي ومجلس الامة والقضاء والاجهزة الامنية مجتمعة ، وهي القطاع الخاص المستثمر من بنوك وشركات صناعية وشركات المقاولات وشركات الاسكان ، وصناديق الضمان والنقابات .

لم يكن الاردن يوماً بلا نجاحات ، بل لقد شهد نجاحات عديدة ، لكن ما فلت وتراكم من اخفاقات يؤزم اليوم الدولة ، بحيث لم يعد الاصلاح كافياً وانما يستدعي في جوانب عدة اعادة للبناء .