في الإقليم المحيط بنا في الأردن قضايا ومصالح ونزاعات إضافة لصراعات قوى عظمى وتحديات، والكل يريد أن يقحمك بصراعه أو يجعل منك جسرا لمصالحه، والتعامل مع هذا الوضع اليومي بحنكة وحكمة ونحن دولة فقيرة قليلة الخيارات والخروج دون خسائر مقابل الحفاظ على سلامة الشعب والأرض يعد إنجازا كبير.
إلا أن من يضع معادلة إنقاذ شعبه وأرضه كالمحارب الذي تطوله الجراح.
لنستعرض التحديات والصراعات:
إسرائيل التي تستقبل آلاف المهاجرين اليهود يوميا من شتى دول العالم، وتبني المستوطنات وتحتاج لموارد المياه والطاقة والتوسع الجغرافي لذلك، تستعمل أدواتها وعلاقاتها كوسيلة بقاء وتوسع معا، وحدودنا معهم بضعة مئات من الكيلومترات، وتكاد أن تكون الحدود البرية الوحيدة، مقابل اتفاقية سلام تعاني أحلام الباطن الإسرائيلي بالتمدد الجغرافي والأيدولوجيات طويلة النفس.
الملك ينادي في كل المحافل الدولية لوقف الاستيطان ودفع جهود عملية السلام، وبالحقيقة هذا لا يعجب الباطن الإسرائيلي كثيرا.
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ودعمنا للقضية الفلسطينية وجهود دعم السلام المتعثر، أمام صراع حماس وفتح وأدواتها المختلفة. ووقوف الملك باتزان على نفس المسافة من قوى المقاومة الفلسطينية قد يزعج البعض.
إيران تحاول فرض نفوذ وهيمنة المد الشيعي على العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتحارب الخليج المستهدف كحلم لها في اليمن وفي سوريا، ولا تدخرنا من المعادلة أمام ترغيب ومغريات بنفط بأسعار تفضيلية وسياحة دينية تحقق مئات الملايين للبلد الذي يعاني مديونية تقارب مجموع ناتجه القومي السنوي. بينما نحن لسنا بمنأى عن فكر مجموعاتها المتطرفة بالمقابل.
الملك كسني وهاشمي يقف ودولته في صف الخليج في حربه طويلة الأمد ضد المطامع الإيرانية في التحالف ضد الحوثيين في اليمن.
على صعيد الصراع في سوريا، فأولوية الملك الحفاظ على حدود مملكته البرية الشمالية من أية اختراقات لجماعات وعصابات الفكر المتطرف كداعش، وبالمقابل التعامل مع أطراف ودول محركات الصراع على الأرض السورية بما يبقي على وحدة سوريا كأرض من ناحية، وخلاص الشعب السوري من ويلات الحروب من ناحية أخرى. وجدير بالذكر بأن المعادلة هنا معقدة جدا، فأمريكا وروسيا وإيران وتركيا والخليج وحتى أوروبا أطراف في المعادلة.
فمثلا روسيا تتصارع مع أمريكا على الأرض السورية، ومصالح الدولتين العسكرية في صراعها تحتم إشراك دول الجوار في هذا الصراع، وعلى محاربنا التعامل مع هذه القوى الكبرى بحكمة.
أمريكا تحاول إبقاء واستمرار نفوذها في المنطقة لضمان منابع النفط من ناحية، ولحماية وبقاء إسرائيل من ناحية ثانية، ناهيكم عن استراتيجياتها في فرض هيمنتها على العالم وما يتبع ذلك من تدابير جغرافسياسية حولنا وعندنا أيضا، وموقعنا كأردن هام وحيوي جدا لها. وقد لا يحلو لهذا العملاق تمسكك ببعض المواقف التي لا توازي بعض رغباته.
بالمحصلة فالصراعات إقليميا حولنا كثيرة ومعقدة، والكل وفي العقد الأخير وبما شهد من أزمة اقتصادية عالمية وربيع عربي وصراع فكري وعقائدي وتطرف يريد إقحامنا أو اقتحامنا، والقائد الذي يجنب مملكته وشعبه الفتن والصراعات والقتل والتشريد، رغما عن الضغوطات والمغريات أحيانا، والتصرف باتزان وحكمة، بالتأكيد سيواجه ضغوطات وتحديات داخلية وخارجية، ولن يسلم من الأقلام الموجهة، ولن يسلم من محاولات إضعاف موقفه لكي لا يستمر عطاءه.
الضغوطات والتضييقات الاقتصادية بعضها مفتعلة لما ورد أعلاه، والتهميش السياسي على مستوى الإقليم أيضا مفتعل، وداخليا فالأمور قد لا تخلو من محاولات مدفوعة وخفية تسيء لشخص الملك الذي لم يقتل شعبه ولم يشرده.