بعد العمل لمدة خمسة عشر عاماً كموظف في قطاع الإعلام المرئي، وبعد غربة امتدت لنحو عقد من الزمن، عدنا قسراً وشوقاً في آن واحد الى مملكتنا الحبيبة، وبعد جهدٍ مضنٍ في البحث عن وظيفة، رضخت لمناشدات وزير العمل، وتنظير أصحاب الأبراج العاجية بأن الحل لدى الشباب الأردني، يكمن بالتغلب على ثقافة العيب و العمل الحر.
بدأت مشروعي كمطعم صغير في منطقة حيوية مكتظة بالمقاهي والشركات، و عملت دراسة الجدوى، وكلي امل بأن يكون هذا المشروع نموذجاً في الاعتماد على العمالة الأردنية 100%، ولم اعر انتباهاً في مرحلة البحث عن موظفين لعبارات التهكم من اصحاب "الكار" على رغبتي تلك، إلا ان الوقت كان كفيلاً بأن انضم الى صفوفهم لاحقاً، لأطالب وزارة العمل بإعادة النظر بقرار ايقاف استقدام العمالة الوافدة وتحديداً من الجنسية المصرية.
بعيداً عن الأسباب الثانوية لفشل المشروع مثل: عدم جدية العمالة الأردنية للعمل، ضريبة المبيعات، رسوم التراخيص و المواقف، شروط التراخيص الرجعية....الخ ، اعتقدت للحظة بأن السبب الرئيسي لفشل المشروع تسويقياً، وباستشارة احد الخبراء في هذا المجال، نصحني بإضافة لون جاذب على لوحة المحل، واختار اللون الأحمر ليتميز عن اللوحات المحيطة وللفت انتباه العملاء.
ولأن اللوحة كلفتني الكثير بين مادياً وبين ملاحقة "الصنايعية"، فكرت بالاكتفاء بإضافة "خط أحمر" عليها فقط، وبدأت رحلة البحث، لأكتشف بأن الخطوط الحمراء نفذت من السوق، فالنائب خط أحمر، والمسؤول خط أحمر، والعشيرة خط أحمر، والصحفي خط أحمر، و الوزير خط أحمر، والقضاء خط أحمر، والنقابة خط أحمر، والأمن والجيش خط أحمر، ومؤسسات الدولة "بدون ذكر اسماء" خط أحمر، و الشيخ خط أحمر، والخوري خط أحمر، وابن الشمال وابن الوسط وابن الجنوب كلهم خطوط حمراء.... حاولت الحصول على خط أحمر "من هون من هون" ما زبطت معي...
تواصلت مع مصمم الجرافيك طلبت منه اضافة خط أحمر على صفحة المطعم على "الفيس بوك"، قال لي: ما فيه داعي للخط الأحمر، كل مواقع التواصل عليها خط أحمر بعد مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الالكترونية... يعني ما نحكي رأينا كمان؟ ولا مقال ولا كاريكاتير؟ نعم صحيح ولا شير ولا لايك!!!
يبدو ان الخط الأحمر للمواطن لم يعد له بل أصبح عليه من الان فصاعداً، أبيش وظيفة .... أبيش مشاريع .... أبيش رأي